أتمنى- والأماني مشروعة- أن تدفع مطالب التغيير الشبابية باتجاه إنجاح المبادرة الخليجية والتسريع في خطوات التنفيذ الفوري لبنودها, بقصد ومواقف تسحب البساط فعلياً من تحت أقدام كل المتربصين باليمن الأرض والإنسان, والانتقال المباشر لبناء اليمن الجديد. دماء الشهداء التي أكدت ضرورة وأهمية وشرعية التغيير، يجب أن تكون برنامجنا باتجاه اللاعنف والعمل الجاد لدولة مدنية مؤسسية تقوم على عظمة النظام وقوة القانون، وإحداث نقلة نوعية وواقعية في الوعي الوطني المطلوب لبناء اليمن, ذلك سيسهم في اختزال الزمن والانتقال إلى مرحلة التغيير والبناء لتحقيق الأهداف التي حملتها مطالب الشباب. نجاح المبادرة الخليجية انتصار للشباب وحضور فعلي للحكمة اليمانية التي يجب أن تصبح شعاراً ونهجاً لمطالب التغيير في الوعي والسلوك اليمني, لأن الانحراف إلى العنف والعنف المضاد، والفعل ورد الفعل الطائش لايخدم التغيير والبناء الجديد لدولة المؤسسات, بل على العكس ربما يعمل على إجهاض الحلم وإعاقة الولادة السليمة لمطالب الشباب. الحماس مطلوب، لكن لايجب أن يقود إلى الهاوية والخسران وتضييع المكاسب التي حققتها الحكمة والسلمية في ساحات الاعتصامات, لأن الكثير من المتهورين وقصار الوعي والنظر يتجهون صوب إحداث انشقاقات في المجتمع, لأن مجرد إشاعة وتغليب وترويج وإثارة المصطلح الضيق «إن لم تكن معي فأنت ضدي» ربما قاد المجتمع إلى أحقاد وتصادمات وتصنيفات غوغائية لايقبلها عاقل يحترم الرأي الآخر المخالف له وتحكم وعيه ثقافة الديمقراطية. حالات العنف والقتل التي تتم هنا وهناك ويذهب ضحاياها أبناء اليمن، خاصة في اللحظات التي تسبق التوقيع على المبادرة الخليجية, هي أعمال يقصد من خلالها الحيلولة دون نجاح المبادرة وإعاقة مسارها, أياً كان الطرف الذي يقوم بتلك الأعمال المؤسفة ويسهم في إحداث المزيد من التدهور والعنف في الساحة اليمنية. التنحي السلمي الآمن لرئيس الجمهورية هو انتصار حقيقي لثورة الشباب، واحتفاظ بالوجه المشرق للإنسان اليمني، وتجسيد مشرف وموضوعي للحكمة اليمنية التي ندعي شرف امتلاكها. لذلك كان لزاماً على الشباب في ساحات الاعتصامات أن يدفعوا باتجاه إنجاح المبادرة وتحميل السلطة والمعارضة أي فشل أو تعثر قد يطال المبادرة ويحول دون نجاحها أو افتقاد المناخ المناسب لتنفيذ بنودها وخطواتها. فشل المبادرة الخليجية- لاقدر الله- لايخدم الشباب ولايحقق الحلم اليمني بالتغيير, سينقل اليمن برمته إلى واقع مأساوي مفجع, في الوقت نفسه سيخدم الحالمين باستمرار الحال على ماهو عليه وعشاق السلطة والحكم والنفوذ والفساد.. من هذا المنطلق فإن على الشباب الدفع المستميت للتوقيع على تنفيذ المبادرة والانتصار لليمن الجديد, لأن التعاطي مع مصالح ورغبات أي طرف كان، سيفرغ مطالب الشباب من ألقها ومقاصدها ووهجها الذي جدد الدماء في وعي وسلوك وقناعات وثقافة الإنسان اليمني. لاأحد يُقر بإزهاق الأرواح ونزيف الدم اليمني، ولايمكن أن ندعم تلك الأعمال أو نبررها أو نقف إلى جوار مرتكبيها أياً كانوا في السلطة أو المعارضة, لأن التعاطي مع تلك الأعمال التي لايقرها عقل ولادين لايخدم السلطة أو المعارضة أو الشباب, كما أنه لايخدم اليمن في القريب أو البعيد. حضور ممثلي السلطة وقادة المعارضة إلى الرياض وتوقيعهم على المبادرة الخليجية خطوة لابد منها في إثبات حسن النوايا, أي تخلف أو تماطل من هذا الطرف أو ذاك قد يرجعنا إلى المربع الأول وبداية سيناريو لايعلم تفاصيله إلا الله, في الوقت نفسه سيدفع باليمنيين جميعاً إلى اتخاذ موقف وانحياز إلى الطرف الحريص على نجاح المبادرة وتنفيذها وإنقاذ اليمن من الانهيار والضياع. [email protected]