من المؤسف والمحزن أن تصادر الثورة وتسرق من أصحابها وأبنائها دون أن يتنبه أحد، سُرقت ثورة سبتمبر من المناضلين والفاعلين، تحولت دماء الشهداء إلى طلاسم وشعارات وأنين ومواجع، تكالب عليها المرتزقة من كل جانب. ثورة التغيير الشبابية التي تخلقت في وعي الإنسان اليمني وضميره بدأت بسيطة ناضجة ترفع شعار التغيير، بإصلاح المسار واقتلاع أدوات ورموز الفساد والفوضى أياً كانوا، بتصحيح مفاهيمي وحقوق وواجبات المواطنة المتساوية المحمية بالدستور والقانون ومؤسسات الدولة وهيبتها، في تحقيق حضور فعلي لسلطة القانون واستقلال ونزاهة القضاء، لاباختزال الدولة في قوة ونفوذ ونزق هذا الشيخ أو ذاك، حتى غدت البلاد حقاً مباحاً لمجموعة من دعاة المشيخة، افسدوا كل المؤسسات الوطنية، أشاعوا ثقافة الاستنزاف ونهب مقدرات الدولة بالمحسوبية والوساطة والنفوذ والاستقواء، تحولوا بقدرة قادر إلى مقاولين وتجار ومستثمرين وأصحاب شركات عابرة للقارات، التهموا الوكالات التجارية من أصحابها، حتى أصبح الواحد منهم يتفاخر بسطوته على أكبر وأكثر تلك الوكالات ومصادر النهب بدون حياء، وقيادة الفساد الوطني. اللافت للنظر أن ثورة التغيير قد سلمت قيادها وأمرها وسرها وقوتها وقدرتها ولسانها وعقلها لمجموعة من أولئك الذين كانوا ومازالوا أصحاب الاستقواء والنفوذ القبلي وناهبي المال العام وأراضي المواطنين والدولة والوكالات التجارية الذين لا يدفعون الضرائب المستحقة ولا فواتير الماء والكهرباء والتلفون، بحجة أنهم هم الدولة ، القانون في نظرهم جاء للبسطاء والرعية المطحونين والموظفين ومن على شاكلتهم ، أما هم فهم فوق القانون ، بل هم القانون والقضاء والسجانون أيضاً . حيثما ارتمى هؤلاء في حضن وعمق الثورة الشبابية التي حلمنا بأنها ستضع حداً ونهاية لهم، ستخرج اليمن واليمنيين من نفوذهم واستغلالهم واستنزافهم البشع للوطن وخيراته وموارده وثرواته، أيقنا أن المصيبة قد حلت باليمن من جديد ، خرجت ثورة التغيير الشبابية المدنية عن مسارها، تحولت من السلمية إلى التدميرية ، من قوة وعظمة الكلمة والموقف إلى العنف الذي يكتب النهاية المأساوية للحلم والمشروع والثورة . الثورة رغم عفويتها في بداية الانطلاقة إلا أنها حققت نتائج كبيرة ، قاربت الشروق ، كادت تكتب المشهد الأول للتغيير المطلوب لولا تسرب مشائخ الفوضى والاستقواء والفساد إلى ساحاتها ، أرادوا أن يكونوا في المشهد الثوري ، استباقاً ذكياً للأحداث واستثماراً يقف دون محاسبتهم واسترجاع ثروات اليمن منهم في المستقبل . ثورة التغيير الشبابية في ساحات الاعتصامات معنية اليوم بجعل مصلحة الوطن وأمنه واستقراره هي الأصل والتقاط اللحظة التي شكلتها المبادرة الخليجية وماتضمنته من آلية مقبولة لحل الأزمة وتطويق الخلافات وتحقيق القناعات المصاحبة للتنفيذ الفوري لخطوات وبنود المبادرة، التوجه إلى العمل المشترك بمصداقية كفيل بقطع دائرة الفتنة التي تكاد تعصف باليمن الأرض والإنسان، وتدمر مشروعه التحديثي الذي بشرت به الثورة الوليدة في الوعي والضمير والشارع اليمني. خارطة الطريق التي حملتها المبادرة الخليجية جديرة بالاهتمام والموافقة من قبل جميع الأطراف في الساحة وفي مقدمتهم شباب الثورة، خاصة وأنهم سيكونون الأحرص على نجاح التغيير وبأقل الخسائر، مؤكدين أن النهج الديمقراطي خيار لارجعة عنه وأن الرهان قائم على ترسيخ التنحي السلمي الآمن عن السلطة ، لأن اليمن بيتنا جميعاً وعلينا المحافظة عليه . رئيس جامعة تعز قامة وطنية وأكاديمية: ماحدث تجاه الدكتور محمد عبدالله الصوفي - رئيس جامعة تعز - أمس أمر غير مقبول ولا ينم عن وعي ولامسئولية ، إنه صورة من صور الطيش الأعمى الذي يعتبر فقداناً للرؤية ليس إلا، ونحمِّل الجهات المسئولة عن هذا النزق كامل المسؤولية ورد الاعتبار الرسمي للدكتور الصوفي أمر لابد منه حتى لا تصبح تلك الهمجية سنة مؤكدة في الشارع اليمني . [email protected]