من ينصفنا من قناتي الجزيرة ومن على شاكلتها في الكذب والتهويل وتزييف الحقائق وتأجيج الوضع وتأزيم الموقف، هل أصبح الكذب والتضليل صفة ملازمة لا يستغنى عنهما إطلاقاً، وهل هذه هي الرسالة الإعلامية التي تنقلانها للمشاهد دون أن تأبه أمانة ومصداقية ما يمكن نقله من الحقائق والوقائع كما هي دون زيادة أو نقصان، ومنذ متى أصبحت مهمة القنوات الفضائية توجيه طرفي النزاع وتحريض أحدهما على الآخر حتى يلقي بنفسه إلى التهلكة، كما حدث يوم الأربعاء 2011/5/11م عندما أقحمتا نفسيهما في توجيه المعتصمين وحثهم في الزحف إلى ساحة مبنى رئاسة الوزراء من أجل اقتحامه لكي تحصلا على نهر من الدماء وأكوام من الجثث تثيران بها المشاهد وتستعطفان الرأي العام وتحققا السبق الإعلامي وتسجلان نجاحاً على حساب أنفس بريئة تُقتل وأرواح طاهرة تُزهق وتستمتعان بهذه الإثارة الناجحة من وجهة نظرهما. ولنفترض جدلاً أن هناك مواجهة ودماء وجثثاً فهل أمانة المهنة تخول لهما نقل ذلك مباشرةً ليستقبلها الأطفال والنساء والضعفاء من عامة المشاهدين فتولد لديهم الخوف والحقد والكراهية والانتقام والإرهاب. بل القهر والموت في بعض الأحيان؟ كما حصل لأم أخي وصديقي وزميلي الحبيب محمد عبد الله يوم الأربعاء 2011/5/11م تلك الأم الطيبة الطاهرة النقية، الصالحة والصادقة والعابدة، القانتة لربها حامدة شاكرة، صاحبة القلب الشفوق والرحيم، التي تحب الجميع ولا تعرف الكره ولم تسب أحداً في حياتها قط حتى الطريق التي تمشي عليها، لم يشتك منها أحد بل الكل يثني عليها ويعدد مناقبها وصفاتها ومحاسنها أتتها المنية عقب مشاهدتها الكذب وتزييف الحقائق وتهويلها، حسبنا الله على الفبركة والدبلجة والمنتجة وتجميع المقاطع من هنا وهناك وبثها للمشاهد على أنها مباشرة من قلب الحدث، المرحومة لم تتحمل الموقف وكأنما الحرب كشفت عن ساقيها وكشرت أنيابها وقامت الدنيا ولم تقعد فلم يتحمل قلبها الحنون المحب للخير للجميع أن يرى هذه المشاهد المؤلمة ، فرحلت العزيزة الغالية إلى مثواها الأخير بعد أن شهّدت وكبّرت و طلبت من زوجها وحبيبها الحنون أن يسامحها، رحلت وتركت أبناءها وبناتها وأحفادها ومحبيها يذرفون دموع الحزن والألم على فراقها، رحلت وتركت بعلها وحيداً يعتصر قلبه الحزن والألم الشديد على فراقها، وقد كانت له الرفيق والشريك والأنيس والجليس الذي لا يفارقه شبراً واحداً، شاركته الحياة بحلاوتها ومرها، ثم تركته وحيداً ورحلت غصباً عنها لا بإرادتها، إنها الأقدار والحياة والموت الذي لا يملكها إلى مالك الملك الحي القيوم رب السماوات والأرض الذي رحمته وسعت كل شيء، رحلت أم محمد عبد الله رحمة الله عليها وأسكنها الفردوس الأعلى في الجنة وألهم الله أهلها وذويها الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.