منذ ما يزيد على أربعة أشهر وأبناء شعبنا اليمني يعيشون حالة من القلق والخوف مما قد تؤول إليه الأمور جراء الأزمة السياسية العصيبة التي يمر بها الوطن، فجميع أبناء اليمن أعصابهم مشدودة وعيونهم متوجهة صوب العاصمة صنعاء وأيديهم على قلوبهم.. جميعهم خائفون من المصير المجهول الذي ينتظر الوطن في حال لا سمح الله ولم يتم إعمال العقل والحكمة لوقف التداعيات الخطيرة التي تتصاعد يوماً بعد آخر وأخذت منذ الاثنين الماضي فخاً خطيراً بتفجير الوضع عسكرياً من قبل أولاد الأحمر وعصاباتهم الذين قاموا بالاعتداء على أفراد شرطة النجدة ومهاجمة عدد من المنشآت العامة وتدمير ثلاثة طوابق من وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» مع الشبكة التقنية للوكالة، وكذا مبنى الخطوط الجوية اليمنية واقتحام مبنيي وزارتي الصناعة والتجارة والإدارة المحلية ومبانٍ حكومية أخرى والاعتداء على منازل المواطنين في حي الحصبة بالعاصمة صنعاء، وهو الأمر الذي أدى إلى زيادة المخاوف لدى عامة الناس من المصير المجهول الذي ينتظر الوطن غداً إذا لم يتم تدارك الأمور وإيقاف نزيف الدم قبل توسع دائرته. إقدام أبناء الأحمر على تفجير الموقف بعد يوم واحد من التوقيع على المبادرة الخليجية من قبل المؤتمر الشعبي العام وحلفائه في دار الرئاسة بحضور فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية وسعادة السفير الأمريكي بصنعاء يضع أكثر من سؤال، وقيام أحزاب اللقاء المشترك بالتوقيع على المبادرة في غرف مظلمة بعيداً عن الأضواء ورفضها الحضور للتوقيع معاً في دار الرئاسة أو القصر الجمهوري في احتفال رسمي يحضره سفراء الدول الشقيقة والصديقة وفي مقدمتها دول الخليج العربي وأمريكا وروسيا والصين وألمانيا وفرنسا وبريطانيا أيضاً يضع أكثر من علامة استفهام. فقد اتضح جلياً المخطط الانقلابي للاستيلاء على السلطة الذي تم إعداده بإتقان ويتم تنفيذه على مراحل سواء من خلال ما سمي ب(اللجنة التحضيرية للحوار الوطني أو الهبّة الشعبية) بقيادة حميد الأحمر أو من خلال استغلال اعتصامات الشباب وتحويل مسار مطالبهم الحقوقية إلى المطالبة بإسقاط النظام بعد انضمام أحزاب اللقاء المشترك إلى ساحات الاعتصامات والسيطرة عليها.. ورغم الأعمال التصعيدية لدفع السلطة للمواجهة إلا أن صبر القيادة السياسية بزعامة فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح وتعامله بحكمة وعقلانية مع تداعيات الأزمة أفقد أولاد الأحمر قدرتهم على المزيد من الصبر فاندفعوا بتهور لتفجير الموقف عسكرياً، معتقدين أن من تبقى من المعتصمين في الساحات من الشباب والمواطنين المغرر بهم أو من عناصر أحزاب اللقاء المشترك سوف يسارعون للوقوف معهم ومساندتهم في الانقلاب على الديمقراطية والشرعية الدستورية للاستيلاء على السلطة، متناسين أن شعبنا اليمني الذي فجّر ثورته الخالدة 26 سبتمبر 1962، و14 أكتوبر 1963م ضد الحكم الامامي الكهنوتي في شمال الوطن والسلاطيني والمشيخي والاستعمار البريطاني في جنوب الوطن لا يمكن أبداً أن يرضى بالعودة إلى حكم الإمامة والسلاطين والمشائخ، فهو ينشد الدولة المدنية الحديثة دولة النظام والقانون والمؤسسات الدستورية التي يتساوى في ظلها كل أبناء اليمن حكاماً ومحكومين شيوخاً ومواطنين. التداعيات الخطيرة التي تشهدها البلاد تتطلب من كل اليمنيين المحبين حقاً لليمن وفي مقدمتهم الحكماء والعقلاء والعلماء وأصحاب الحل والعقد أن يلبوا نداء الوطن بالقيام بواجبهم الديني والوطني والأخلاقي في وأد الفتنة قبل استفحالها، فليس من الدين وليس من الوطنية وليس من الأخلاق أن يظلوا متفرجين على ما يجري دون أن يحركوا ساكناً، فلابد أن يكون لهم موقف ويدعون إلى مؤتمر وطني يشارك فيه كبار العلماء والمشائخ والوجهاء والشخصيات الاجتماعية وأهل العقد والحل وأعضاء مجلسي النواب والشورى وأمناء عموم المجالس المحلية وقيادات الأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني والمرأة والقيادات الشبابية لمناقشة كافة القضايا التي تهم الوطن والمواطن وتداعيات الأزمة الحالية والخروج بوثيقة وطنية لإنقاذ الوطن من الانزلاق نحو نفق مظلم وفتنة لا تحمد عقباها. [email protected]