إن أزمة العالم العربي والإسلامي ومنذ زمن طويل لم تكن أزمة في الوسائل وإنما في الأفكار ومن أعظم الأزمات الفكرية الحضارية والضاربة في عمق حضارتنا العربية والإسلامية مسألة الإرهاب الفكري ذلك الناب الحاد الذي فرق فكر الأمة والمخلب البشع الذي جرح وجهها الحضاري وما تزال الحضارة الإسلامية والعربية مثخنة بالجراح من جراء آثاره الخطيرة وذاقت منها الأمرين إنه الإرهاب الفكري شديد الصلف كثير الإسعاف نزق طائش. هذا ما تحدث عنه المفكر الإسلامي الجزائري مالك بن نبي في كتابه الموسوم ب «مشكلة الثقافة» الصادر عن دار الفكر بدمشق عام 1979م واصفاً الإرهاب الفكري بأنه خطير ودعا المفكر الإسلامي الجزائري مالك بن نبي إلى درء مخاطر الإرهاب الفكري عبر السعي الدؤوب والمثابر للدفع بالإصلاحات السياسية نحو الدفع والتقيد بالإصلاحات السياسية وتطوير المفاهيم التربوية والارتقاء بالوعي الفكري والاجتماعي إلى ثقافة الحوار المبني على أسس قاعدة العرب والمسلمين وعلى قاعدة تحقيق المشروع النهضوي والتسامح والتنمية. إن الإرهاب الفكري الذي قمع كل الدول يخالف سلطته وسطوته وينازع قوته السياسية وهو أسلوب منافٍ للقيم الإنسانية والأخلاقية يمارس عمليات التسفيه والتحقير والاستهجان بكل رأي لا يتفق وتوجهاته ويغتصب العقول ويرغمها على الموافقة والتأييد. ومسألة معركة المناوئين والمعارضين للإرهاب الفكري لا يهدأ سعارها ولا تخبو شرورها لأن الإرهاب الفكري شديد الصلف نزق طائش فما من وسيلة قذرة وحقيرة إلا مارسها مع نخبة من المتملقين المصلحيين والغوغاء والرعاع لقمع الرأي وقطع اللسان حتى يخيل للبلهاء والسذج من الناس صحة الآراء والرؤى والأفكار وخلص الكاتب الجزائري في كتابه إلى القول «وهي دعوة لكل العرب والمسلمين من علماء ومفكرين ومثقفين إلى المساهمة في تحقيق مشروع نهضوي فكري تحت شعار مكافحة الإرهاب الفكري والإعداد السياسي والأيديولوجي والفكري للشباب العربي والإسلامي لإبراز دورهم الفعال في خطة التنمية والنواحي الاقتصادية والاجتماعية والعلمية وجعل الإصلاح السياسي هو المؤثر الحقيقي في إذكاء روح الشعور بالوحدة العربية تجاه التحديات والمخاطر الحساسة والدقيقة التي تواجه العالم الإسلامي والعربي من بينها التطورات الساخنة في منطقة الشرق الأوسط والفوضى الخلاقة والاحتقان السياسي والضغوط الخارجية التي تُمارس على العالم العربي بهدف تغيير المواقف الوطنية تجاه نضال الشعب الفلسطيني باتجاه تحرير الأراضي المحتلة وقيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية».