كانت ثورة مصر 1952م فاتحة عهد الحرية والاستقلال من الاستعمار في كل الوطن العربي. ولقد نجحت ثورة مصر نجاحاً ممتازاً لأسباب كثيرة أبرزها على الإطلاق وضوح الهدف, وتتمثل في: 1 - الوعي التام بأن المستعمر الأجنبي هو العدو الرئيس الذي يسرق ثروات الأمة ويعمق التجزئة والتخلف والفتنة الطائفية والعنصرية والجهل والفوارق الطبقية بين أفراد المجتمع. 2 - أن مصر هي مركز الوطن العربي بما تملكه من موقع استراتيجي وميراث حضاري, مادي وروحي, لايمكن أن تكون مؤثرة بدون التحامها بمجالها العربي, ولذلك فلقد قامت الثورة المصرية بمساعدة الوطن العربي في التحرر من الاستعمار الأجنبي والتخلف المحلي، وأبرز ماصنعته هو مساعدة ثورة الجزائر واليمن بشكل مباشر, وعلم المجتمع العربي أن مصر واعية بالثمن الذي ينبغي أن تدفعه فكان عدوان حرب 1956م بقيادة فرنسا وبريطانيا واسرائيل. 3 - أن رفع الظلم عن الانسان المصري هو المقدمة الأولى للحرية والسعادة، فكان أن صدر قانون التأميم الزراعي, وبغض النظر عن أخطاء هذا القانون, فإن الفلاح المصري شعر بآدميته وأصبح يدين بالولاء الوطني لمصر أرض النيل.. 4 - أن هناك رؤية واضحة لدى القيادة(الثوار) تتمثل في جوانب كثيرة, منها أن التعليم هو الذي سيصنع مستقبل مصر, ورأى عبدالناصر أن رؤية محمد علي في هذا الجانب ينبغي أن تستمر مع إجراء تعديلات منها مجانية التعليم, ليصبح كالماء والهواء مشاعاً لكل مصري, وأن المصريين جميعاً في هذا الحق سواسية. ومن هنا, فإن الثورة هي المحرك الأساس وأن الشعب هو الطاقة التي تدفع المحرك للعمل, وأن هذه الطاقة لابد أن تستغل استغلالاً حسناً وعاقلاً ومدروساً كيلا تصبح وقوداً يحرق الحياة ذاتها ويدمر كل شيء. آتت الثورة أكلها وأصبحت مصر مهوى أفئدة الأمة العربية وملاذاً لطلاب المعرفة والحرية بغض النظر عن ممارسات رأى مثقفو مصر أنها تقيد الديمقراطية الحقة. والفكرة أن ثورة بدون رؤية هي فوضى ومؤامرة ضد الأوطان وجريمة بشعة.