«ليلة القدر خير من ألف شهر» وقد أمرنا الرسول الكريم أن نلتمسها في العشر الأواخر من شهر رمضان، وكان الرسول الكريم - وقد غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر - القدوة في التشمير للعبادة في هذه الليالي المباركة والإكثار من الذكر والاستغفار والاعتبار. ولقد جاء رمضان وكثير من المسلمين غافلون، ليس عن رمضان وحسب، ولكن عن هذه الليالي الغوالي التي كل ليلة فيها ليلة قدر عند عباد الله الصالحين. جاء رمضان فلم يُكرم مسلمون مقدمه، ولم يحترموا شعيرته، فباءوا بغضب على غضب، قطعوا الكهرباء وقتلوا النفس المسلمة، وأدخلوا الرعب في أفئدة الخلق، فما أشقى هؤلاء الظالمين الذين لم يهذّبهم رمضان، ولم يحجزهم عن الكفر والضلال صلاة ولا قرآن!!. إن المسلم الحق هو الذي يطهّر قلبه من الحقد والغل والظلم لأخيه ورحمه؛ ليكون أهلاً لتنزل عليه رحمة الله، وموطناً لعفوه وبركاته. في هذه الليلة المباركة ليلة القدر دعوة كريمة من الله لنا معشر المسلمين للإقبال على الله بالتوبة والإنابة والكف عن طريق الشيطان الذي يسعده أن تُقطع أواصر المسلمين ويكثر الشقاق بينهم من أجل الحرص على الحياة الحقيرة الدنيا. إن هناك من المسلمين في هذه الليلة - وفي كل ليالي رمضان وغير رمضان - من يمتلك الشجاعة ليعلنها صريحة صارخة في وجه الشيطان اللعين: إني وجّهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين. قد يكون فيما يجري من أحداث في طول وعرض الساحة الإسلامية ما يكفي من مواعظ وعبر ودروس ليفوز الذين أراد الله بهم خيراً من سعادة الدنيا ونعيم الآخرة حين يجدون أن الضلال والهلاك في التكالب على الدنيا، وأن الفوز برضا الله بتطهير القلوب من رجس البغضاء والكراهية والأحقاد وحب الدنيا الغرور. إن ليلة القدر خير من ألف شهر، وعد من الله لعباده المتقين الصائمين، فهل آن لنا أن نفقه معاني ليلة القدر؟!. هي خير من ألف شهر للذين استجابوا لله ورسوله، وإقصاء وإبعاد للذين اختاروا عبادة الذات ولم تلفتهم الأمثلة الكثيرة والمواعظ البالغة البليغة في قصم الجبارين المتكبرين، لقد أنزل الله في محكم كتابه الذي نزل في ليلة القدر أمثلة لأمم طغت وبادت وأصبحت أثراً بعد عين؛ لأنها كفرت بالرسل ولم تعتبر بما قبلها من أمم وأقوام. في ليلة القدر نزل القرآن الذي علّمنا الحلال وأمرنا أن نأتيه، وعلّمنا الحرام ونهانا عن الاقتراب منه. في ليلة القدر خاب مسلم جرّه الشيطان إلى طريقه؛ فلم يزجره كتاب الله عن طريق الغواية، ولم تعلّمه المواعظ والعبر كيف أن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، فيا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار؟!. بادر بالتوبة أخي المسلم، والحق أحق أن يُتبع، إن المسلمين إخوانك فلا تؤذهم، ينادونك أن ترحمهم وتعطف عليهم وتصلهم لتفوز بما يدّخره الله لك في هذه اليلة المباركة إن كنت من الراشدين.