تصريحات حميد الأحمر التي دعا فيها الوسيط الخليجي عبداللطيف الزياني لمغادرة صنعاء تحمل الكثير من الاستفزاز لمشاعر اليمنيين والخليجيين على حد سواء، فبالرغم من أن الرجل ليس ذا صفة محددة تخوله للحديث عن هذا الفصيل أو ذاك إلا أنها تسيء إلى سمعة اليمن التاريخية في الاحتفاء بالضيف وانزاله خير منزل كما أن التصريحات التي افتقدت إلى الكياسة والفطنة هي في حد ذاتها نفير حرب. ولا يوجد في اعتقادي تفسير غير هذا التفسير فالرجل وأمثاله يريدون إغلاق الباب أمام أي مساعٍ خير لإحلال السلام في اليمن وهذا التوجه لا يعني سوى محاولة مبيتة لجرجرة البلاد إلى منزلق الحرب الأهلية وما أدراك ما الحرب الأهلية إنها الدمار الرهيب الذي لا يبقي ولا يذر وما الصومال وما آل إليه عنا ببعيد. لذلك أدعو الفرقاء السياسيين إلى تحكيم عقولهم وإلا ينصاعوا لنعيق الغربان ويقعوا من حيث لا يحتسبون في فخ ضرب عطر حميد بدلاً من عطر منشم وهي إمرأة كما تقول كتب التاريخ: كانت تبيع العطر في الجاهلية فإذا ضرب وجهاء ذلك الزمان عطر منشم فقد أعلنوا الحرب أو الإغارة على قبيلة أخرى. غاية ما يتمناه الناس بعد ماذا قوا من صنوف العذاب المعيشي والسياسي والاقتصادي على مدى السبعة أشهر هو ايجاد مخارج وحلول تنتشلهم من واقعهم المأزوم وتعيد الحياة إلى طبيعتها لأن الاستمرار في هكذا وضع إلى أجل غير معلوم يعني المزيد من التمزق والانهيار. تلك إذاً إرادة شعبية كونها تحظى بتأييد شعبي واسع وأي عمل أو أعمال تتعارض مع هذه الإرادة فإن مصيرها الفشل لا محالة ولن يحصد أرباب المصالح الشخصية سوى خيبة الأمل. لا ندري من أين جلب حميد زجاجة عطره وماهو بلد المنشأ؟ لكن ما يهمنا هو وصول الإخوة الأعداء إلى أرضية مشتركة يعملوا من خلالها بروح الفريق الواحد وإخراج الوطن من عنق الزجاجة. وأن الثورة أو المشروع الثوري هو في عرف الأمم الأخرى فن تغيير المجتمعات نحو الأفضل أما في الحالة اليمنية فقد اختلف هذا المفهوم جذرياً ليتحول إلى مشروع تخريبي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى وإلا فماذا نفهم من عمليات قصف المنشآت العامة بما فيها المستشفى الجمهوري بصنعاء والمحاولات الحثيثة للاستيلاء على المصالح والمؤسسات الحكومية وهل يعقل أن نجد بين أظهرنا أناساً يتأسون ب«نيرون» ذلك المأفون الذي أحرق عاصمة ملكه روما لإشباع نزواته المجنونة وأن يعلوا على كل ما من شأنه إحداث مواجهات عسكرية مصحوبه بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة وأين ؟!. في شوارع وأزقة العاصمة صنعاء الزاخرة بالأحياء السكنية المكتظة بالسكان أطفالاً، نساءً، شيوخاً ناهيك عما أسفرت عنه تلك الاشتباكات من ضحايا سقطوا ما بين قتيل وجريح على رجالات اليمن المشهود لهم بالرشد والصلاح أن لا يظلوا حبيسي بيوتهم وصمتهم وأن يسهموا لنجدة هذا الوطن قبل أن يتسع الخرق على الراقع وتغدو العاصمة مدينة أشباح خاصة وبوادر نزوح عدد من سكانها إلى أماكن أكثر أمناً بدأت تلوح في الأفق واعلموا أن فرص تقريب وجهات النظر والخروج بصيغة سياسية واحده بين الفرقاء أصبحت أكثر من ذي قبل وبالتحديد بعد وصولنا إلى هذا المنعطف الحرج الذي ينذر بانفجار شامل لا يفرق جحيمه الهائل بين فصيل وفصيل أو شيخ ورعوي أو رئيس ومرؤوس، انفجار لن يرحم حتى الأجنة في البطون. فماذا أنتم فاعلون؟.