في ظل وضع تعليمي لا يعترف برجالاته ولا بعلمائه إلا فيما ندر في هذه الأيام تذكرت زميلي وأخي الأستاذ محمد عيضة الثقفي، الذي عمل معنا هنا في عدن لمدة تزيد عن أربع سنوات، كان فيها مثالاً للأشقاء السعوديين المعارين لدينا كمدرسين في مدارسنا، وكان الأخ «أبو عبدالرحمن» وهذه كنيته دمث الأخلال ضحوكاً بشوشاً، كعادة أهل الطائف، وقد ساقه قدر المهنة آخر فترته إلى إدارة الإعلام التربوي بعدن، وهي الإدارة التي تحمّل مسئوليتها حتى الآن، كونه كاتباً صحافياً ومثقفاً ومدرس لغة عربية، بل موجه لها، وكانت سنين عمله طيبة وأثيرة، وتحمّس لمواصلة دراسته للماجستير في كلية التربية عندنا، لكن الظروف لم تساعده، وكانت فترة عمله قد انتهت فغادرنا قبل عامين أو أكثر ربما، وظللنا نتواصل بالهاتف والتراسل عبر هذه الوسيلة الفعالة، ولم ننقطع أبداً، فمثل أبي عبدالرحمن طيب المعشر خلوق ومحبوب، وربنا يوسع عليه ويفتح له من أوسع أبوابه.. يارب. والأستاذ محمد الثقفي أبلغني برسالة في «21/11» مفادها أنه نال الماجستير هناك بامتياز مع مرتبة للشرف في «النحو والصرف» وفرحت له كثيراً، إذ إنه غادرنا وفي نفسه ألم لما جرى له من مضايقات لم تمكنه من مواصلة الرسالة.. وهاهو والحمدلله قد نجح، ولكل مجتهد نصيب، وأنه ليصح فيه القول: «نفس عصام سودت عصاماً.. وعلمته الكر والإقداما ...إلخ القصيدة». الأستاذ والزميل محمد الثقفي كان قد أبلغني قبل أيام أنه يبني داراً في الطائف للأسرة، وأنه قد جاوز الدور الرابع، فرددت عليه طالباً أن يحجز لي شقة في الدور الخامس، عندما يتم انتدابي للعمل في الطائف، وهي مقايضة فكلما كان هو منتدباً لدينا، فمن حقي أن أنتدب نفسي عندهم حتى ولو كان في ذلك «أنانية» فمن حقي أن أحب نفسي، ولكن بجدارة وعلم «وشطارة كما يقولون»! والحقيقة أن وضعنا هنا كمعلمين شيء محزن، فالمعلم السعودي الذي تتم إعارته لدينا يكون راتبه مع علاواته وأسرته وأبنائه يصل إلى «30» ألف ريال سعودي واحسبوها من صرف «63»ريالاً يمنياً قيمة الريال السعودي ويزيد، مع العلم أن الراتب الأساسي قد يكون «15» ألفاً زائداً «100 %» علاوات وخلافه.. إذن أليس من حقي كغيري أن أطمح للانتداب، رغم كوني قد أنزلوا اسمي للمعاشات وأكملت «35» سنة خدمة، لكن أليس في العمر بقية لو سخرت لي الإمكانية؟! إذ إن راتبي اليوم «65» ألف ريال يمني ناقص «30» ألف ريال هي علاوات مصادرة باعتبار أنني بعد أن كنت معلماً وموجهاً ثم مستشاراً أول لمادة الفلسفة والمنطق وعلم الاجتماع، عينت مديراً للإعلام التربوي، فأصبحت «إدارياً» ولا أستحق بدلات المعلم الموجه المستشار.. هكذا هي «الحكمة يمانية»! هذا هو الحال عندنا ومثلي بالمئات محرومون من تلك العلاوات، لكن الإخوة في السعودية هم الأفضل.. وهذا فقط سرد لكي نلطف الجو.. ولن ينصلح الحال إلا من عند الله بعد أن خذلنا أبناء جلدتنا وصرنا ألاعيب في أيديهم.. لا سامحهم الله! عموماً التهاني والتبريكات لأبي عبدالرحمن الطيب الحلو الجميل وكذا لأم عبدالرحمن التي كانت سنداً وعوناً له، وإن شاء الله يكون الحال أحسن، لكي أذهب للعمل ثم السكن في إحدى شقق العزيز محمد الثقفي، بس على شرط أن يكون السكن بالمجان.. وإلا فسوف يكون «لكل مقام مقال» وهنيئاً لك الماجستير وعقبى الدكتوراه إن شاء الله.