المنصف المرزوقي الرئيس الجديد لتونس لم يستسغ القصور الرئاسية التي كان ابن (علي) يسكنها فقرر أن يبيعها لصالح الشعب ولم يستبق سوى قصر(قرطاجه) أكثر من ذلك فقد قرر تخفيض راتبه الى ثلاثة آلاف دولار من ثلاثين ألف دولار كانت مقررة كمرتب للرئيس المخلوع بن علي الذي لم يكتف به فأكل الأخضر واليابس في تونس .. هذا (المرزوقي) نوع جديد من الرؤساء صعد من أوساط المقهورين وبهم..ويجد اللذة والمتعة والشعور الوطني بإرضاء عامة شعبه. (الحاكم)يحس بأنين الجوعى وآهات المحتاجين، فيعلن مزهواً وهو يخفض راتبه(ان فقراء بلادي أحق مني)....المبلغ لايعني شيئاً، أما المعنى فهو يعني كل شيء، فمن يحرص على بضعة آلاف لن يفرط بالملايين ...لكن المشكلة ليست هنا، فهذا المرزوقي الطيب والنموذج سيكون أكثر طيبة ونزاهة وسيخلفه من هو أفضل منه وستدور عجلة الرؤساء الطيبين شريطة أن يستمر شعبه يقظاً يغضب لأية مخالفة وتنقلب الدنيا رأساً على عقب فيما لو سرب خبر مثل اختلاسه بضعة آلاف خارج القانون ... وتصبح فضيحة بجلاجل لو كذب كذبة واحدة على شعبه ...وسيتحول هذا الطيب النزيه إلى لص وابن حرام واكبر مستبد وسفاح فيما لو نام شعبه على قفاه وبلع الطعم واعتبر النزاهة منّة وكرماً من الرئيس لا واجباً عليه ثم أخذ يهتف كالعادة بالروح بالدم نفديك يا مرزوقي مع نشر صور مجسمة مكتوب عليها (مثلاً) ..أنت ما فيش مثلك ومالنا غيرك في الدنيا.. انتبه تموت نموت بعدك، أنت الوطن والثورة، لتبق مدى الحياة من اجلنا ومن اجل اولادنا . مصيبة الشعوب العربية من أنفسهم تتمثل في السلبية العامة التي تزرع الاستبداد وتنتج المستبدين، أما الحكام المستبدون فهم ليسوا أكثر من ضحايا لهذا النفاق العام والسلبية المتوارثة جيلاً بعد جيل الذي يحول المسكين إلى إله يعبد والوديع إلى عفريت يزرد الحصا ويأكل الجمر.