لن نخطو إلى الأمام ما لم نتخلص من الكذب.. الكذب آفة الشعوب، أعرف أناساً يكذبون لا يستحي أحدهم أن يكذب باليوم مائة مرة يكذب عليك وعلى أبيه وأمه ولا يبالي.. كان العرب ينبذون الكذب والكذاب. وقد قالوا قديماً: الرائد لا يكذب أهله، فالكذب قبيح ومن الكبير أقبح, عند ما تضعضعت أخلاق العرب تعايشوا مع الكذب فضاعوا أوضيعوا وبدأوا يشرعون للكذب في أدبياتهم وثقافتهم حتى قالوا إن الكذب على الزوجة سنّة ولا أدري سنة من، لكنها لن تكون سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.. لأنه رسول الصدق وقد أوصى بالمرأة خيراً.... لايكرمهن إلا كريم ولا يهينهن إلا لئيم ..ولا إهانة مثل الكذب. ابحث عن كل كذاب لن تجده إلا لئيماً وجباناً ,غداراً ومخادعاً, شرعنة الكذب انتقلت من الزوج لزوجته إلى الحاكم لشعبه والمدير لموظفيه والمعلم لتلاميذه، ولن تجد من الغرابة أن يكذب المدرس والصحفي، الكل يتسابق على الكذب لأن الناس على دين ملوكهم، يكذب الحاكم كذبة سوداء أمام الملايين ويعود اليوم الثاني ليكذب أيضاً لأنه يجد من يصفق له بحرارة مع أنه وهم جميعاً يعلمون أنه.. كذب في كذب.. لكنهم يعتبروها شطارة ودهاء وفي أحسن الأحوال نكتة وخفة دم حتى أصبح الكذب أساس الحياة وملحها. يقتل القاتل أمام الجميع ويدمر ويحرق المدينة بالصوت والصورة فيخرج ليكذب أيضاً ويجد من أهل القتيل من يشهد له زوراً وتبرعاً بأنه لصادق وأن القتلى لكاذبون كعلامة على دناءة النفس وفساد المنبت, ...اكذب ثم اكذب حتى تصدق نفسك، والمؤسف حقاً أنك تجد عالم العجم والمجوس والنصارى واليهود يفرون من الكذب ويجرمونه ويكفي أن يكذب الرئيس والزعيم عندهم كذبة أو نصفها حتى تكون فضيحة بجلاجل تطيح به وبعرشه، يقدم استقالته مع طلب العفو من شعبه بينما يتسابق الحكام القادة والمدراء والآباء والأزواج عندنا على الكذب ويتبعهم في ذلك الرعية والأبناء والموظفون والزوجات حتى يضيع كل شيء منا وتضيع الفوارق بين الراعي والذئب وبين الرعية والأغنام وبين الناس والماشية..... وبين القائد والقواد, فالكذب يفسد إنسانية الإنسان ويمسخه إلى شيء آخر وفي تاريخ الثورات الإنسانية... كل شعب يثور على عيوبه ولاعيب عندنا مثل الكذب لأنه يخفي العيوب القاتلة ويستدعيها, ولولا شيوع الكذب ما وصلنا إلى ما وصلنا إليه ....شعبية الكذب عندنا طاغية ولو جرت مسابقة للكذب العالمي مثلاً ماذا ستكون النتيجة .............ربما نفاجئ العالم؟؟