- اختلط الحابل بالنابل، وضاع الحق وسط هذه الفوضى التي تشهدها الكثير من مؤسسات الدولة، وبدأ التعطيل هو العنوان البارز الذي يتجه إليه أصحاب «ارحل»، الرافضون لاحتكام العقل وسيادة النظام والقانون.. أحد الوزراء في حكومة الوفاق الوطني نظمت وزارته حلقة نقاشية الأسبوع الماضي في عدن.. ضمت هذه الحلقة كل المدراء التنفيذيين في المحافظات والمديريات ذات الطابع الخاص بعمل وزارته.. وهؤلاء طالبوا الوزير المختص بالنظر لأوضاع مؤسساتهم وتشكيل لجان للتحقيق فيما يجري ومعرفة الأسباب والمسببات التي دفعت البعض فيها لإثارة الفوضى وتعطيل أعمالها.. فما كان رد الوزير إلا أن قال: المدير الذي لا يستطيع حل مشاكل مؤسسته ليس أمامه إلا أن يقدم استقالته و«يرحل»!.. هكذا رد عليهم الوزير وباستطاعة أي قارئ أن يفهم ويفسر هذا الرد بحسب تفكيره أو كيفما يشاء ومن ثم يجيب على التساؤلات الموضوعة: ماذا يريد هذا الوزير من قيادات المؤسسات التي تتبع وزارته القيام به وهناك من يطالبهم بالرحيل دون وجه حق سوى أن لدى «المنتفضين» مطالب شخصية وأخرى فوضوية وثالثة تعطيلية؟! هل يريد منهم أن يتحولوا إلى مشائخ مدججين بالمرافقين والأسلحة المختلفة لحماية أنفسهم وحماية المؤسسات التي يديرونها ؟! أم يريد منهم أن «يرحلوا» ويقدموا استقالاتهم سريعاً تحقيقاً للهدف العام الذي تطمح إليه أحزاب هذا الوزير وشركائهم؟!.. - حديث هذا الوزير للمعنيين عن مؤسسات وزارته في المحافظات والمديريات ينعكس على بقية الوزارات التي تشهد مكاتبها ومؤسساتها وأجهزتها في بعض المحافظات والمديريات نفس الفوضى التي قادت إلى التعطيل الشامل لبعض المؤسسات فيها لاسيما منها التعليمية والتربوية وأدت إلى إغلاقها بالأقفال والسلاسل كما حدث مع مدرسة الشهيدة نعمة رسام في مدينة تعز.. وفي هذا الاتجاه نرى وزارة التربية والتعليم ممثلة بوزيرها بعيدة عما يحدث وكأن الأمر لا يعنيها وإن عطلت وأغلقت المدارس فذلك شيء عادي في نظر هذه الوزارة بوزيرها الذي طالب في أول تصريح يدلي به للوسائل الإعلامية المختلفة عقب تسلمه مهامه بإبعاد التعليم والمؤسسات التعليمية عن الصراعات الحزبية والمكايدات السياسية، واليوم نراه بعيداً و«يتفرج» بهدوء لما يحدث، في انتظار النتائج التي ستقود إليها الفوضى المعتملة في بعض المحافظات والمديريات!.. وزارة الداخلية هي الأخرى، التي يفترض بها أن تعمل على استتباب الأمن والاستقرار في المحافظات والمديريات وتمنع التعدي على المؤسسات المختلفة للدولة وفرض الحماية الأمنية اللازمة لها بهدف تأدية أعمالها بشكل طبيعي، نراها وكأن ما يحدث ليس من شأنها وإذا بوزيرها كغيره من زملائه في «الوفاق الوطني» أذن من طين وأخرى من عجين!.. - إلى أين تتجه هذه المؤسسات الخدمية وغيرها من المكاتب التنفيذية في المحافظات والمديريات، ولماذا هذا السكوت الغريب والمريب من قبل الوزراء المعنيين عنها (؟!)، وإلى أين يريدون أن تصل اليمن؟!.. كل المؤشرات تذهب نحو سيادة الفوضى في اليمن، وتؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن قانون «الرحيل» وبعبارة أصح قانون الغاب هو من سيسود في اليمن، وما على اليمنيين المسالمين الرافضين لما يحدث ومن فضلوا الهروب إلى الصمت إلاّ أن يأخذوا عصاهم و«يرحلوا» ويبحثوا لهم عن وطن آخر صامت، وخالٍ من الأحقاد والكراهية، وطن يعيشون فيه بأمن وسلام بعيداً عن الفوضى المحتدمة والإعلام المؤجج والمحرض والمثير للقرف والغثيان!.. لقد قالها أحد وزراء الوفاق الوطني بوضوح: المدير الذي لا يستطيع حل مشاكل مؤسسته فما عليه إلا أن يقدم استقالته و«يرحل»!.. ولكن ما هي الحلول التي يمكن لهذا المدير أو ذاك اتباعها لإنهاء الفوضى المعتملة في مؤسسته أو مكتبه؟!.. كل الحلول مطروحة.. وأرحبي يا جنازة بين الأموات!!..