قال تعالى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا. إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا}. لو يحمل إحساسي شاعر لانفجر بأعظم قصيدة، أين أنت يا أستاذ عبدالله البردوني وماذا قلتم يا دكتور عبدالعزيز المقالح ويا فؤاد المحنبي وفؤاد الحميري ومفضل الأبارة وعبدالولي الشميري وكل أرباب الكلمة ومطوعي الحرف عن لحظتنا هذه. وبعد أن منح صالح الحصانة يجب أن نعرفهم بأسمائهم 301 نائب وتعلق صورهم في الساحات من صوّت منهم لصالح الحصانة أو من توارى أو اعترض كلهم في الإثم سواء واللون أسود. لست ضد الحصانة، بل معها بكل قوة لكن هؤلاء النواب لو كانوا حقاً يمثلوننا لما وصلنا إلى الثورة وسالت الدماء أنهراً، إنهم أشباح وخشب مسندة، هم العدو ويجب أن لا يعودوا من أي باب إلى تمثيل الشعب مهما كانت مبرراتهم ومواقفهم، فالشريف مثل فيصل بن شملان رحمه الله لم يقبل أن يُمدد لمجلس النواب، واستقال قائلاً: إنَّ الشعب انتخبه لفترة 4 سنوات ويجب العودة إليه لأنتخب من جديد لا أن أمدد لذاتي مرة جديدة، وهؤلاء أصبحوا غير شرعيين في نيابتهم لنا في المجلس (المجلس الدائم العضوية) وعليهم أن يكملوا بالختم للنظام بالبراءة وعدم المساءلة. لم يجد السياسيون والثورة غيركم خرقة للنظام، ورغم ذلك لقد نجستم الثورة بفعلكم هذا، من لم يصوت على الحصانة بنعم فهو الأشد لؤماً، فليس عن طهر وانتماء للشعب لكنه يُبْعد ذاته عن النظام ويتقرب للشعب أنه ضد المشروع والحصانة فمن صوّت للحصانة ربما لديه بُعد نظر والخروج من الوضع الذي أثقل كاهل الشعب والوطن وهو القريب إلى الصدق والوطنية ويدرك جيداً أن الحصانة وقانونها ليس إلا حبراً على ورق، وأعطى من لا يملك لمن لا يستحق، كما قال الأستاذ الثوري محمد قحطان في مؤتمره الصحفي في ساحة التغيير صنعاء (وقد أساء المنظمون للمؤتمر للأستاذ محمد قحطان حين كان من يقدم له هو نفسه من كان يقدم للمبدع محمد الحاوري في برنامج عبده فشفشي فأي ذوقٍ ذلك ألا يفهمون؟!). أيها الشعب العظيم أيها الثوار الأماجد والثائرات الماجدات اعرفوهم بأسمائهم فلا يمروا على ظهورنا بعد أن داسونا ألف مرة بأقدامهم وحان الوقت أن يدوسهم الشعب بقدم واحدة ولمرة واحدة فقط. ويحضرني موقف لأستاذ اللغة العربية في الجامعة عند خروج مجموعة من الطلاب من قاعة المحاضرة بدون ذوق فانتابته نوبة غضب لعدم احترامه ليقول: اعرفوهم بأسمائهم. المهم أيها الثوار وبعد كل هذا العناء والوصول إلى هذه الصعداء علينا أن لا نتنفس إلا على جهد جديد لهدف مرحلي جديد، ولعل الخطوة التالية في لحظتنا الراهنة هي ضرورة التوعية بأهمية التصويت للرئيس القادم عبد ربه منصور هادي حتى نعطي الرجل ثقلاً شعبيا ونعكس الرغبة التي تعبر عن صدق في التطلع للغد وقطع أي صلة للماضي، وبقدر ما سيكون الإقبال والتفاعل مع هذه المحطة الهامة من محطات الثورة هي الرغبة والتطلع الشعبي للخروج من ردهات النظام وأفخاخه التي لم تنتهِ بعد إلى اليمن الجديد بعمقه التاريخي والحضارة والإنسان. يجب أن نكون على قدر من الثقة بأنفسنا وقدرتنا على صنع المستقبل بكل نصاعته والأحلام فليس هناك مستحيل ونُعِين الصدق وصادقوه في بلورته إلى فجر حقيقي للأجيال ولنا من قبل. إن كلمات الأستاذ (العم) محمد سالم باسندوة في جلسة الحصانة تعبر عن اليمني الأصيل فقد كانت كلماته سديدة المعنى سليمة المبنى مشكولة الحركات فأعطت سحرها في القلوب لأنها أتت من قلب حي أسالت من عينيه دموع حرّى على وطن جريح في مهب الرياح لكن الله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين، فلنُعِنْ أنفسنا ليُعيننا الله إلى ما نصبو إليه وهو القادر، وقد فعلنا وأكرم أضعافاً مضاعفة لا تخفى على أحد حين المقارنة بالأقران من الثورات العربية من تونس إلى مصر وليبيا وما يفعله إلى الآن بشار الأسد على طول عام. استجرار الماضي تخلي عن المستقبل والدوار في حلقة مفرغة فالماضي فات والمؤمل غيب ولك اللحظة أنت فيها. نحن على يقين أن قانون الحصانة لن يغني من الحق شيئاً لكنه الممكن سياسياً والأخف ثورياً بعد أن (عِرِدَتْ) ثورتنا ووصلنا إلى لحظة من الانفجار ومن الذي سيبدأ أولاً وفقط الطلقة الأولى وتبدأ الكارثة والخروج عن كل الممكنات إلى المتاهات التي لن نعود منها إلى الطريق الصحيح واستعادة الوطن إلى نقطة الصفر إن بقي موحداً ولم ينفلق أشطاراً، إن كان ذلك لا قدر الله لن تكون النفوس قادرة على تجاوز الأخاديد الغائرة وسبرها حتى السوية النفسية والتوجه بها نحو التطلع والبناء الذي نشدناه من قبل المتاهة التي أُنْجِينا منها بحمد الله الذي أورثنا الحكمة والإيمان. المحافظة على النفسية السوية في جيل الثورة هي الثقة التي تعزز النفوس وتدفع بها إلى مزيد من النجاح القائم على الثقات المجموعة لكن إن هُدِمت النفوس فمن الصعب ترقيعها وجبرها حتى تستعيد انطلاقتها الحقيقية بقوتها وعنفوانها فما ستخزنه الذواكر والذاكرة العامة كابوساً لن يفلت منه أحد وقد يؤسس إلى شخصية جديدة تحتاج إلى مصحة جماعية تعيد للشعب صوابه. الثائر ومن كان في الساحات هو في المدرسة والجامعة تعلم منها معاني الحرية والعدالة والمساواة وكل العناوين الحضارية المنشودة واغترست فيه القيم الجميلة التي ضُيّعت بطول المسافة الفاسدة ولم يستقها الجيل ممن سبقه فقد فلتت ولم تُلبن من حلمات أثداء الأمهات وسلوك الآباء والشيخ الحكيم وقراءة لغة الجسد، فكانت الثورة لحظة توحد واستلهام مع الكون ودورته الطبيعية التي تعطي كنوزها لمن يبحث عنها في لحظة انتباه وتركيز فيقرأها القراءة الصحيحة على وجهها الصحيح لن يجد في المستقبل أية صعوبة في تخطي كل المعضلات والعوائق التي تحول دون الوصول إلى الأهداف فهو على ثقة من قدراته وتكيف المحيط المتكيف أصلاً بفعل الجو المصنوع ثورياً وفتحت مساقاته الطبيعية فتكون الخطوات المبصرة بثبات الجبال الراسيات وقد تجرد من الأنا الوضيعة إلى الذات العامة لتحصد أناه ما هو أعظم وأكبر من مادة إنها حياة الضمير ووله القلب ومتعة الروح حين يكون كل من حوله باسم القلب والروح وليس هناك من هو فاغر فاه بحق أو باطل فمن له الحق يصله بدون طلب ومن يهوى بعيداً عن الحق لا يقدر أن ينبت ببنت شفة فهو المحتقر ولذا يصمت، «وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا». لست متخصصاً في القانون لكن هكذا أفهم: قانون الحصانة من أدلة الإثبات وإقرار بالجرائم، والإقرار سيد الأدلة، ومن يدعي البناء وصانع المنجزات عليه أن يكون شجاعاً وذا ثقة بذاته وما قدّم ولا يقبل مثل هذا الإثبات كإدانة، ويطالب بعدالة تنصفه وتعيد له مكتسباته المدّعاة ويقول: إنه مستعد للمثول أمام العدالة وإنه فعلاً كان رجلاً وطنياً، ومن سيكونون في القائمة عليهم رفض دخول أسمائهم في قانون الحصانة والضمن، أما الدم فلا يغفره الشعب ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. أيها الوسطيون من جميع القوى أنتم الأقوى والأبين والحق الأبلج ولديكم من المشتركات الإنسانية قبل الأيدلوجيات ما يمهد للمشروع الوطني الجامع والمناخ الصحي لتموت كل تلك التطرفات إسلامية أو ليبرالية أو أياً كانت فهي لا توجد إلا في المستنقعات الآسنة فطهروا الأرض من الأفكار المنحرفة وانفثوا عطور وسطيتكم وانثروا عبير وردكم، وعززوا من المشترك الثقافي المولد لأطايب الكلام فتحلو الدنيا ويستطاب البقاء «فاللهم إني أعوذ بك من جلد الفاجر وعجز الثقة».. أهكذا كان يجب أن تتم البيعة؟ وما الذي يتوجب أن نفعله من قبل ومن بعد؟ فلك الأمر ربي من قبل ومن بعد وحسبنا الله ونعم الوكيل، فسبحان الله ثم سبحانك أيها الشعب العظيم.