«من جاور السعيد يسعد» حكمة شعبية تستلهم السعد الذي عرفناه مبكراً منذ فجر التاريخ، فنحن بلد السعيدة التي قامت حضارتها على الزراعة والتجارة في مدرجاتها الزراعية، وطريق الوصول إلى معابد العالم القديم، وسعدها امتد إلى رمزية في حضرموت حين أطلق اسم سعاد على مدينة الشحر التي شبهها الشاعر الكبير حسين المحضار حبيبة له «قابليني ياسعاد والبسي ثوب السعادة» بصوت كرامة مرسال، ثم كررها قائلاً: «بخير أنتِ وأنا بانلتقي في سعاد» فصدح بها فناننا الكبير أبوبكر سالم بلفقيه بلغة رصينة وثّقت للبواسق والزاد والوداد والمرافق في السفر. هاهم اليمنيون يكررون سعادتهم وتخلدهم بيوتاً تجارية بعمدائها مثل هائل سعيد أنعم وسعيد بازرعة، كما خلدت السعادة نساءها مثل الاقتصادية سعاد يافعي والجماهيريات سعاد العبسي، سعاد القدسي وسعاد سالم الحضرمية.. وكأن السعد والسعادة في هاتين المنطقتين تعزوحضرموت حتى لا يغضب أحد.. أضيف د. سعاد السبع ابنة مأرب وسعاد سعيد العدنية. كما لحسن حظنا أن جارتنا هي السعودية فقد سميت هي الأخرى منذ بدايات النصف الأول للقرن الماضي بهذا الاسم نسبة لحكامها آل سعود بدءاً بالمغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود عوضاً عن اسم إمارة نجد والحجاز. واسم السعودية كاسم فرد ليس بغريب على تاريخنا الإسلامي، فقد سميت دولة الخلافة ما بعد الخلفاء الراشدين بالدولة الأموية نسبة لبني أمية وأولهم معاوية بن أبي سفيان، فالخلافة العباسية نسبة لبني العباس أبناء عم لرسول صلى الله عليه وسلم العباس بن عبدالمطلب، فدولة الفاطميين والنجاحيين والطاهريين والصليحيين وآل الأحمر في الأندلس. أعود لوضعنا المعاصر ومحنتنا الحالية متفائلة بالحكمة القائلة «من جاور السعيد يسعد» لعل الدعم الخليجي ورأس حربته السعودية حقق لنا تلك الحكمة، ولعل تجاورنا والخوف من أن نصل إلى ما لا يحمد عقباه عندهم حتم ويحتم على الجميع اعتبار هذه الحكمة وعمقها وعكسها خطراً على الجميع لاعتبارات موقع اليمن وتاريخه ومعطياته البشرية. لذا جاءت المبادرة الخليجية فعكفت سفارات الاتحاد الأوروبي والدول دائمة العضوية في الأممالمتحدة والمجتمع الدولي لردم الصدع ودرئه، فهل ندرك أهميتنا بشراً وعطاءً وموقعاً استراتيجياً للحركة البحرية والنفط وحيويته للعالم وإعادة السعادة للسعيدة تنمية وديمقراطية وحواراً وتعددية لنسعد ويسعد من جاورنا بالسعادة.. أوليس نحن أهل حكمة وألين قلوباً وأرق أفئدة..؟!