يتضحُ لي اليوم بشكلٍ جليّ أنني أتفق مع دعوات المقاطعين للانتخابات ومع كل المتقاطرين لصناديق الاقتراع، ومع من تبقّى من فئةٍ محايدة وصامتة و”مطنشة” للدنيا وما فيها. “ اختلاف أمتي رحمة” هكذا يقولون إنه ورد في الأثر النبويّ الشريف.. وسواء ورد أم لم يرد فأنا مقتنع بالاختلاف في هذا اليوم المختلف بكل ما تعنيه الكلمة. كلنا نحب اليمن.. ماعدا من يبيع وطنه لغاصبٍ متعجرف.. أو لاعبٍ سياسيّ دنيء.. أو فكرةٍ تافهةٍ ترتب لتدمير برج كرامة الوطن بكل الطرق. وبعيداً عن لغة التخوين والتخويف والتملق والخطابات المنفعلة والتي لا تضيف لليمن غير المزيد من الشقاء.. أحب أن أقول أن كل من كانت نيتهم سليمة.. وقناعتهم جليّة بخدمة الوطن من خلال المقاطعة أو المشاركة أو التطنيش.. فالجميع يحبّون اليمن وفقاً لقناعاتهم الشخصيّة في التأكيد على حبهم حسب طريقتهم التي يرون فيها خلاصاً لليمن أو درءاً لمعضلة.. أو سدّاً لنافذة الريح. هذا اليوم أعتبره استفتاءً حقيقياً لمدى التسامح والمحبة والعمل المشترك دون رعب.. أو إحباط.. أو نكاية.. أو وجع.. أو استهداف.. أو مماحكة.. أو عدوانية. من أعنيهم هنا بالمقاطعة هم من يرون أنهم بذهابهم للصناديق سيكونون موافقين على تنفيذ بنود المبادرة الخليجية والتي يرون فيها إجحافاً مزعجاً بحق الوطن.. وأنها تمرير لأهداف عربية وإقليمية ودولية للسيطرة على الحق السياسيّ للبلد.. ولهم عذرهم في هذا وأحترم طرحهم ومقاطعتهم للانتخابات طالما لم يقتلوا ذاهباً للصناديق أو يشعلوا ناراً في لجنةٍ انتخابية. ومن أعنيهم بالمشاركين هنا.. فهم من اقتنعوا بضرورة ذهابهم للإدلاء بأصواتهم لفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي.. بوعيٍ كامل وسلوكٍ حضاريّ دون أن يوجهوا سهام الحقد لأحد أو يصدروا فتوى تكفير بحق المقاطعين أو الصامتين.. بل هم ذاهبون للاقتراع؛ لأنهم يريدون أن يشاركوا في طيّ صفحة الماضي بكل سلبياته وإيجابياته.. يريدون أن يشاركوا في بناء اليمن الجديد من أول لبنةٍ يعتقدونها وهي الانتخابات. وهؤلاء أحترم إرادتهم وأشدّ على أياديهم أن يكونوا نماذج محبّةٍ لوعدهم القادم مع العطاء والنجاح. وأما “المطنشون” هنا فأعني بهم أولئك البشر الذين لا يكترثون بوضع أو يعولون على شيء في هذا الوطن سوى أن يعيشوا بصمت ويمضون “جنب الحيط” ولا يفارقون بيوتهم إلا لأعمالهم وحدائقهم ويعودون للجلوس أمام شاشات التلفزيون ليتابعون أفلام الأكشن والرومانسية والمصارعة الشكلية، ولا ينتمون لعشاق قنوات الأخبار بشتى أشكالها. وهؤلاء أحترم قناعتهم تلك في التعامل مع الواقع؛ لأنهم أحد طرفين لا ثالث لهما.. طرفٌ عاش جُلّ حياته في المعترك السياسي ونيران الواقع حتى وصلوا إلى قناعة التطنيش والصمت.. وطرف خلقهم الله كذلك والبرودة تملأ جوانحهم إلا مما يخص رغباتهم البسيطة فقط في مأكل ومشرب وراحة بال. كل عامٍ والواحد والعشرين من فبراير يوماً للتغيير والحب والتسامح والإخاء والإنطلاق ليمن المستقبل المشرق .. وأهلاً بالمشير عبدربه منصور هادي رئيساً للجمهورية اليمنية .. نحسن فيه ظننا .. ونضع سنتان من عمرنا اختباراً حقيقياً لآخر آمالنا في أن يكون أو لا يكون وطناً بأكمله .