للتو عدت وأم الأولاد من المركز الانتخابي بمدرسة العلفي بمديرية السبعين الساعة الحادية عشرة وخمس دقائق ظهراً, للأمانة لم أكن أتوقع كثافة الحضور بالصورة التي شاهدتها, حتى العم النجاشي الذي دخلنا معاً إلى بيت بوس بعد حرب 94 هو يبيع أول الساكنين الماء بواسطة الوايت الذي يملكه, وأنا أحد أوائل من سكن حي المهندسين بيت بوس لفترة، بعد أن اختفى النجاشي وكبر الحي ظننت أن الرجل عاد إلى خالقه, وظللت كلما اتذكره أحمد فيه كفاحه وصبره ونحته للصخر بحثاً عن الرزق !! بشرف وكرامة, لم ينهب حق أحد , ولم يسرق قوت آخر , بل عرق واجتهد وربى أولاده على ما قسمه رب العباد, أين هو ممن أخذوا كل شيء من أفواه البشر !!. مسكت برأسه وقبلت لحيته: أهلاً يا عم نجاشي, أين أنت يا رجل؟, ضحك: أكيد فكرت أن عمك النجاشي قد ودع, الأعمار بيد الله, دمعت عيني: ونعم بالله, لكنني افتقدتك أيها الرجل العظيم , ماذا تفعل هنا؟ , قالها : من أجل مستقبل الصغار جئت, يا الله ... قلتها وأيقنت أن لا الحكام ولاقادة الأحزاب ولا المثقفين – هذا إذا كان هنا مثقفون من أصله – ولا النخب ولا استطاعوا أن يكبروا بحجم هذا الشعب الذي إذا وجد من يقوده بروية وحكمة ونزاهة لحقق المعجزات, في العام 94 كتبت بعد حربها (والآن من يمسك زمام اللحظة) لسبب بسيط فقد رأينا دولة (تقط المسمار) خلال شهرين !! بعدها ضاعت ولم نجدها حتى اللحظة, الآن بكل بساطة فهؤلاء الذين اندفعوا إلى الصناديق يريدون دولة!! هل بالإمكان الإمساك بزمام اللحظة وكبح الجموح الذي تولى واستولى على حياتنا من العام 62؟, من كان يقف أمامي رجل طاعن في السن لم أسألة: من أين أنت؟ لأنني تعودت أن أحب الناس بدون أن أجهد نفسي في السؤال عن الأصل والفصل, قالها هو: 62 سنة في دبي من أيام ما كانت خرابة, قلت وكيف تركتها؟ - جنة الله في أرضه, ليش ما نكون مثلهم, وأرضنا أكثر خيراً, والله العظيم لقد تدخل الواقف أمامنا ليقولها: والله العظيم حتى الخيول خرجت أمس بأربعة قواطر!!, لم أجهد نفسي بالسؤال؟ من أين؟ إلى أين؟ وكيف؟ ومتى؟!!!!!, فقط ظللت أجري بنظري في الوجوه, وأسأل: الا يستحق هؤلاء مستقبلاً أفضل؟. عبد الباري عبد الواحد الذي ما تصورت أن أجده هناك, وجدته في الطابور, لم أسأله, فقد استوعبت المعنى والدلالة لأن يأتي عبد الباري, وعلى المعنيين أن يستوعبوا الدرس إذا أرادوا , ومن الآن – والأيام بيننا – إذا لم تكونوا بمستوى كبر الناس فسيكون القادم ثورة تجتث الجميع، فالناس برغم كل الصبر تعبت, فما حدث بالأمس إذا كان ثمة من يعمل العقل بصدق ولا يشتغل سياسة على طريقة مقادمة (الفرز) مع الاحترام لسيد التربة حجرية (قشنون) أبو الفقراء رحمه الله, إذا كان قصيرو النظر يظنون أنهم سيعيدون انتاج كل السيئات فليتذكروا هذا (الناس تعبت وتدرك كم حجم سرقة المال والأمل والحلم) . بالتاكيد لا نريدها مباراة انتقام وثأر وتصفية حسابات, لكننا نريدها توبة والاعتذار لهذا الشعب الذي لم تنهب أهدافه فقط, بل ووجوده, وإذا أردتم فاسألوا (وكيل) ثورة سبتمبر عن الهدف الثالث للثورة؟ ما نصه؟ وماذا يعني؟ وهل يعني اليمن أو ماليزيا؟!!. الثورة أيها السادة وخاصة هؤلاء الذين يرون الشارع من وراء الزجاج الملون إذا لم ترتق بمستوى الناس معيشياً تصبح كالشهادة مجرد ورقة تبحث عمن يبلها ليشرب ماءها!! وإذا أردتم (فمن يرجموا زجاج الجيران لم يستطيعوا الاقتراب من باب عبد الرحمن البيضاني رحمه الله!! لسبب بسيط وهو أنهم لا علاقة لهم بما حدث), ينطبق عليهم ما قاله ذاك المغني البريطاني الذي أسلم : أسلمت بعد أن تعمقت في دراسة القرآن, أنتم تتوارثونه عن آبائكم, أنا مسلم أفضل منكم !!, ولن تخونني ذاكرتي فقد بعث إلى سبعة من الثوار الأحرار برد على المرادي البيضاني, وقد استغربت أن الرد لا يحمل غير توقيع (سبعة من الضباط الأحرار), اتصلت بالمرحوم (........), قلت : مهنياً لا أستطيع نشر هذا بدون أسماء.. قال عند الله وعندك , قلت : يا أستاذ محمد _ أقصد الزرقه –: رأيك؟ قال بمهنيته العالية وحسه السياسي: مالك ومالهم!!, هل أزيد؟؟ لقد نشر الرد الضعيف الذي ظل يدندن على أن البيضاني ليس باليمني – وهو منطق دليل العجز – في الميثاق . هل نمسك زمام اللحظة الآن؟ أو تجرفنا النشوة, ويعاد بنا إلى المربع الأول؟ فهناك من يراهن على أنه (سيزيد) على الناس من جديد, وهناك من يهيء نفسه من الآن (لمعايرة) هذا الشعب العظيم على طريقة (سلام الله على أيام فلان). بقي القول إن الانتخابات بداية وهناك ماهو أعظم فكونوا - للنخب -- بمستوى كبر النجاشي. فقط أريد أن أهمس في آذان من حاولوا عرقلة الانتخابات في عدن وغيرها: لا تخطئوا الحساب من جديد والبيض درجاته في الحساب ضعيفة, ولو كان ذكياً لما ظل يتعامل مع الأمور بمنطق (قدهي بالكيس قال أوعديني ميعاد صحيح) !!!.