بالتوافق على المبادرة الخليجية في نسختها الأخيرة المعدلة للمرة الخامسة، ثم تشكيل حكومة الوفاق الوطني، فالانتخابات الرئاسية التوافقية، تكون اليمن قد وضعت خُطاها على طريق الألف ميل.. طريق الإصلاح والتغيير الذي لا يبدأ بتطبيق عتبات المرئيات الأولى للمبادرة، بل يتواصل مع كامل المفردات الأساسية، إبتداءً من الدستور الجديد، فالذهاب مباشرة إلى الدولة الاتحادية، بالتكامل مع مشروع الحوار الوطني لطيوف الألوان السياسية وممثلي القوى الاجتماعية، وحتى إعادة هيكلة المؤسسات العسكرية بتنويعات مهامها وأشكالها. المهام البادية للعيان جسيمة وتتطلب قدراً كبيراً من الدأب والإصرار على التنفيذ الواضح غير المُخاتل، والشاهد أن ما حدث ما كان له أن يحدث لولا الإخفاقات الجسيمة والخلل الهيكلي في بُنية الدولة، وحتى سوء التدبير والتقدير الذي حوّل النجاحات المُمكنة إلى إخفاقات مؤكدة، مما لسنا بصدد إعادة تناول كآباتها هنا. لقد جاءت المبادرة كمخرج سياسي يستدعي التغيير أولاً وثانياً وثالثاً، وكان قيام الشعب بالتصويت لصالح الرئيس التوافقي تعبيراً مؤكداً عن رغبة عارمة في إصلاح الحال، ولهذا السبب لا بد للمعنيين في أجهزة الدولة المختلفة من المبادرة العاجلة بإصلاح الحال، فما لا يُدرك كُلّهْ لايُترك جُلّهْ كما يقول حكماء العرب، وقد تعلمنا من فقه الاعتزال الزيدي التاريخي معنى “ المنزلة بين المنزلتين”. تلك المقولة الحكيمة التي تقتضي العمل على تحقيق الممكن، توطئة لتحقيق الضروري الشامل، وقد تداعى هذا الفقه الوسطي الذي لا يختلف جوهرياً عن وسطية الأشاعرة الشافعيين اليمنيين .. تداعى مع فقه الخروج المؤكد على الحاكم الظالم المُفارق لنواميس المذهب واشتراطاته الواضحة لجهة الكفاءة الدينية والأخلاقية والعقلية والجسدية. من هذه الزاوية بالذات نستوعب معنى الخروج المقرون بمدافعة الظلم والخراب، ولا نفهم بالمقابل ذلك الخروج الممسوس بإعادة عجلة التاريخ إلى الوراء في استنطاق عقيم لكلمة حق يُراد بها باطل. نحن اليوم أمام حقيقة واضحة البيان والمعالم .. المطلوب انتقالة فورية للإصلاح تنعكس عل كل أوجه الحياة. وأرى شخصياً بعين اليقين أن الشروع في الإصلاحات الجزئية على مستوى المحافظات المختلفة سيمثل منصة انطلاق وتعمير للحوار الوطني والتدابير الإجرائية النابعة من مرئيات المبادرة، فليس هناك تناقض بين ما سيتبلور لاحقاً، وما يمكن أن يشكل عتبات انطلاق لذات المرئيات. [email protected]