لايزال الشعب عند جمعة الكرامة..عند تلك النقطة التي سقط فيها النظام على نحو مدوٍ.. كان الثوار السلميون في مرمى قناصته المدججين بوحشية لا مثيل لها.. سقط العشرات فداء لمبادئهم، وظهر الديكتاتور متلعثماً يبرر جريمته بشكل يجلب اللعنات والخزي حتى من المقربين إليه..اغتال خيرة أبناء اليمن؛ تلبية لنداء شره العارم.. ظهر جلياً أنه لا يحترم شعبه على الإطلاق، وأن الشعب الذي يعشقه فقط هم أبناؤه وأبناء أخيه.. تصرّف بسخافة مشينة وكرجل غير شريف أبداً، كاشفاً عمق جوهره المغالط المتحايل الذي ظل يقرفنا به على مدى عقود. هل يستحق الكرسي كل هذا القتل؟ ومن يخفف عن روح الشعب المنهكة غير العدالة مع القتلة؟. إن الشعب سيد المفاجآت والبطولات والصبر أيضاً.. أما المستبد الذي اتخذ من الديمقراطية قناعاً ومن الفساد والتوريث منهاجاً فلايزال هو الممل البائس الذي لا ضمير له، ولكنه لا يريد أن يفهم. اليوم نستدعي ملحمة 18 مارس 2011م لنؤكد أن الشعب اليمني لايزال مفعماً بإرادة الكرامة، كما أن وعي هذا الشعب كفيل بإعادة الاعتبار له ولروحه الحضارية الموءودة.. كانت منازلة كبرى وفاصلة في جمعة الكرامة بين شعب جبار ونظام من خواء وقبح، وبالتأكيد ليس في قضية الشعب حل وسط مهما طالت الأيام من تبريرات واقعنا المعقد. على أن الشعب هو من انتصر، كما سيظل ينتصر مراراً، فيما يبقى الجنون كله أن تستمر عائلة صغيرة همجية ضد شعب بكامله، قدم تضحيات سخية وجسيمة لن يتنازل عنها. كذلك فإن سحر السلمية هو من جعل علي عبدالله صالح يتشظى، معتقداً أن الشعب يموت.. والحاصل أن الشعب أبداً لا يموت؛ لأنه أبقى وأكبر من كل ظالميه وقاهريه.. بالتالي فإن أحلام الشعوب لا تنقرض، وكل حاكم دنيء مصيره صفحة سوداء في كتاب التاريخ المنصف. وإذ لاتزال الأنفس ملتهبة من ذلك الحدث بالذات.. الحدث الذي هز كل يمني بلا استثناء.. يبقى أن نقول: إن كل التسويات لا يمكن أن ترمم تلك القيمة الجوهرية التي جلبتها الثورة.. ضرورة الإحساس بالتحرر.. كما أن الشعب هو المقيم وعلي عبدالله صالح هو العابر ومعه عائلته طبعاً. لذلك ما بين المجرم والضحايا.. لايزال الشعب في الشارع!.