مالم يبادر شباب ثورة التغيير للانخراط في التنظيمات السياسية سواءً بالانضمام للأحزاب القائمة أو إنشاء حزبٍ أو أحزابَ جديدة فيسجدون أنفسهم ومعهم تطلعات التغيير يسيرون بعيداً عن مضمار الأثر الثوري وخارج دائرة الإنجاز . فبانخراطهم في الأحزاب القائمة سيكونون الدماء الجديدة المتوهجة التي تقتل خلايا الدم الفاسدة والخاملة في هذه الأحزاب وسينقلونها إلى روح العصر- روح الفعل الخلاق - في ميادين البناء لمؤسسات الدولة المدنية عصيةً على الانكسار وهم ذلك الإيقاع الهادر والخرير الجامح إن دمدمت رعود تطلعاتهم في أحزابَ جديدة يشكلونها هم بنسيج عارم من النقاء والعطاء الثائر على كل قيم الارتهان والمشاريع - الأقزام - على الشباب وقد دشنوا صباحات هذا الوطن وأطلقوا عنان الآمال العظيمة أن يعلموا علم اليقين أن تحقيق الغايات الجليلة وإنجاز التطلعات النبيلة لا يمكن أن يتأتى فقط بعظيم التضحيات والدوران في دوائر النظريات دون السير وفق خارطة طريق أفقية وعمودية لخلق وتنمية مؤسسات الدولة المدنية على أرض الواقع عن طريق إنشاء الكيانات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني التي تجعل التنظير الثوري فعلاً خلاقاً يسير بالثورة إلى نهايات الانتصارات. لا يمكن أن يسهم الشباب في صناعة القرارات الوطنية الهامة من الساحات والمنتديات الفكرية الثورية فقط وكيف يمكن أن يسهموا دون أن يكون لهم وجود في مواقع صنع القرار السياسي . إذ كيف سيتبوأون هذه المواقع دون أحزابَ تعبر عبر بوابات صناديق الاقتراع إلى فضاءات الفعل الذي يشعل الشموع ولا يلعن الظلام على الشباب أن يعزفوا بأناملهم ألحان التغيير ويصيغوا للوطن سيمفونيات نشيدٍ لم تنسج بعد تهفو إلى سماعها آذان وخلايا الوطن وأن يديروا عجلة التنمية وأن يملكوا زمام المبادرة ولا ينتظرون أن يُعطَوه على طبقٍ من ذهب وأن يوجهوا دفة الوطن – الإنسان والأرض – إلى مرافئ التنمية الحقيقية التي وقودها الشباب المترع باليمن وإلا فستظل القيم البالية تحجب كل وميض وتسد كل درب ببقاء أصحابها على رؤوس القرار الوطني وبهذا يكون الشباب قد أضافوا- دون وعي – جبالاً أخرى من الإحباطات وأطفأوا – دون قصد - جذوة الشوق العظيم لقادمٍ عظيم يكنس كل أرتال الغي والجهل والفساد وتنكروا – دون إدراك - لدماءَ زكية ذبحت على مذبح الحرية. على الشباب أن يدركوا أن التعددية السياسية رؤية إنسانية لإدارة علاقات إنسانية سامية قوامها العدل ، والتداول السلمي والاستنهاض الأمثل للقيم والإبداع في النهوض الشامل قبل أن تكون نظاماً سياسياً يرسم طريق الوصول للحكم وأن يعوا أن الشعب اليمني ومنذ اختياره لهذا النهج في 22 مايو 1990 لم ير حتى الآن سوى الوجه القبيح لممارسة التعددية السياسية إلى حدٍ أوصل الوطن إلى شفا جرفٍ هار من الفرقة والتشرذم والتلاشي . ولا شيء سيعيد الوطن إلى الوطن إلا هذا التحليق المنشود لشباب اليمن في ربيع الآمال العربية الكبيرة في فضاءات الفعل السياسي المنظم والقيادة الحميمة لمراكب ومواكب التغيير بأيدٍِ وعقولَ تجيد العزف على أوتار النهار والخوض الجامح في مدارات الأحرار .