قبل ما يزيد عن أربع سنوات تقريبا، وتحديداً في أغسطس 2008م نشر المثقف الكبير الأستاذ خالد الرويشان قصة رمزية ذات دلالة سياسية بالغة لحقيقة ما بدأ يعتمل على الساحة من يومها ومن قبل، وتزداد أهميتها ودلالتها اليوم مع وصول “الراعي والكلاب” إلى آخر المشوار الذي أجبروه على مواصلته أو ساقوه جبرا إلى الهاوية السحيقة دون أن يعي ذلك من وقت مبكر.. “الراعي والكلاب” قصة تختزل المشهد الراهن سجل فصولها خبير سياسي ومثقف بارع من وقت مبكر، لو كان للثقافة والمثقفين صوت مسموع في أروقة السياسة وعالم السياسيين لما وصلوا إلى هذا المستوى البئيس الذي جنوا فيه على أنفسهم وعلى الشعب، ولتريثوا مليا عند كل عقبة قبل أن يصلوا إلى المنحدر السحيق.. لا جد لدي حولها.. فقط أعيد نشرها للقارئ مرة ثانية ليقرأ ما بين سطورها. قال الراعي: خرافي كثيرة، وعواء الذئاب يملأ السهل والجبل، لذلك ، أنا بحاجة إلى كلاب تحرس القطيع. اشترى الراعي كلاباً كبيرة مدربة. كانت الكلاب تعود من الغروب منهكة جائعة، لتلتهم عشاءها الذي كان خروفين أو أكثر قال الراعي هانئ البال : خروفان لايعنيان شيئاً. بعد أسابيع، لاحظ الراعي نقصاً في عدد الخراف.. هز أكتافه غير مهتم قائلاً : النعاج ستلد نعاجاً وخرفانا. الخير قادم، والخراف آمنة مر وقت طويل قبل أن يكتشف الراعي أن عدد الكلاب أصبح مساوياً لعدد الخراف. ذعر الراعي، اجتمع بكلابه، صارحهم بأنه عازم على تسريح نصفها، فالخراف قليلة، ولم تعد بحاجة إلى مثل هذا العدد الكبير من الكلاب. كشرّت الكلاب عن أنيابها. بلع الراعي صوته، ورجاءه. بعد أشهر، أصبح عدد الكلاب ضعف عدد الخراف. اجتمع الراعي بكلابه، توسل إليها بأن تذهب في سبيلها، وأن تكتفي بما أكلت من الخراف.. هزت الكلاب أذيالها ساخرة، وذكرته بأنها حمت قطيعه من الذئاب، واتهمته بأنه ناكث للعهد، ناكر للجميل، بكى الراعي، سفح دموعه بين أيدي الكلاب وأقدامها دون أن يهتز قلب أو تطرف عين لكلب. بعد أيام، وعند الغروب، عاد الراعي مملوءاً بالحسرة، ومعه خروفان هما كل ماتبقى له كانت الكلاب حوله تملأ السهل وتتزاحم باندفاع نهم حول عشائها الأخير من الخراف. في مساء اليوم التالي وفي ميعاد عشائها، عادت الكلاب لاتصحب إلا نفسها. وثمة خروف يائس وحيد بانتظارها.