في بعض المناطق اليمنية يقال للعم ( ابي فلان ) مثلا اذا كان اسمه محمد يدعى (ابا محمد) واذا كان اسمه على يدعى (ابا علي) والشاعر العربي الفيلسوف ابو العلاء المعري له بيت من الشعر مشهور يقال انه اوصى قبل وفاته بأن يكتب على ضريح قبره يقول فيه (( هذا جناه ابي علي وما جنيته على احد )) وقصد بذلك ان اباه قد جنى عليه بان كان سببا في وجوده بالحياة التي عانى الشاعر فيها عناء كبيرا خاصة وانه كان ضريرا على الرغم مما خلفه من ادب الشعر والنثر ومن اشهر كتبه ومؤلفاته ((رسالة الغفران )) تلك التي يشبهها النقاد والادباء العرب بالكوميديا الالهية العربية التي سبقت الكوميديا الالهية للاديب الايطالي (دانتي )بمئات السنين وينطبق على ابي العلاء قول الرسول عليه الصلاة والسلام (( ان من البيان لسحرا ومن الشعر لحكمة) فقد كان نثره مدرسة في البلاغة والبيان وشعره يعج بالحكم والمواعظ والكثير من الناس يستشهدون بحكمته التي تقول (( خفف الوطء ما اظن اديم الارض الا من هذه الاجساد )) (( ورب لحد قد صار لحدا مرارا ضاحكا من تزاحم الاضداد )) وبناء على ما تقدم وبعد استعراض سريع للواقع المرير الذي تمر به البلاد وما اصاب العباد من بلاء وفساد وما وصل اليه حال الجميع ،الكبير والصغير والرضيع اكتشفنا ان ( ابي علي ) حفظه الله حسبما يردد الاستاذ عبده الجندي لم يبن دولة مؤسسات ولا مؤسسات دولة ولهذا السبب ازدهر الانفلات الامني في جميع القرى والمدن ولحق بالجيش اعظم الهزائم وارتكبت في حقه افضع الجرائم وصار الذبح للجنود كل يوم ،مساكين حتى وهم في النوم ويساقون قهرا في السلاسل البعض راكبا والبعض راجل وصار للقاعدة امارات ترفرف على مبانيها الرايات وسيطرت على العديد من المحافظات ، كل هذا بفضل السياسة العقيمة التي شجعت على الجريمة المعاصرة منها والقديمة ، وعلى كل حال المشكلة كلها ان (ابي علي) الذي اصبحنا بسببه مظلومين كان همه كيف يرقص على رؤوس الثعابين ويصرف الهبات والرتب والنياشين وعندما كان يسمع ان الشعب يئن من وطاة الاوضاع وجور الظلم والآلام والوجع يبحث عن أي مناسبة تقيمها الاوقاف او جهاز المحاسبة يشتم فيها الحكام السابقين والانفصاليين والحاقدين والمطالبين بإمامة البطنين والساعين للاستلاء على النهدين وما في الجيب واليدين وغض الطرف عن القوارض التي اكلت كل ما صادفته من اراض واموال عامة وخاصة ولم تترك واديا الا اتت عليه ولا جبلا الا سورته ولا عقارا من عقارات الحكم الكهنوتي والاستعمار البغيض الا ضمته الى املاكها تصوروا حتى وصل الامر باحدى القوارض رغم انها كانت تشكو دائما من صداع الشقيقة ابتلعت مبنى اذاعة عدن فرع ال بي بي سي هيئة الاذاعة البريطانية ولم يصح موظفو الاذاعة ذات يوم الا وتلك القارضة قد وضعت رجلا على رجل واتكأت على جبل حديد وهي تنظف اسنانها من بقايا المبنى ولأنهم لم يكن لهم حول ولا قوة لأن القوة كانت بجانب تلك القارضة فقد رفعوا ايديهم نحو السماء وقالوا بصوت واحد اللهم ان كان هذا قضاؤك فلاراد له وان كان بذنب جنيناه فاغفر ذنبنا ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا وبعد مدة ليست قصيرة التهمت ذات القارضة ارضية كبيرة تابعة للمؤسسة العامة للاذاعة والتلفزيون بشمال العاصمة بعد ان ظلت لفترة لا بأس بها تحث مسئولي المؤسسة على تسويرها خوفا من ان يسطو عليها حمران العيون والانوف والشفاه وما ان تم الانتهاء من التسوير - وليتهم ما سوروها - حتى زحفت عليها القارضة وبنت عليها برجا يصلح لأن يكون لمراقبة الجراد في شرق افريقيا او محكمة (من أين لك هذا ؟) وقد مر احد مسئولي المؤسسة بجوار ذلك البرج وكتب على بابه شطرا من بيت للاستاذ الشاعر المرحوم عبدالله البردوني يقول فيه (( عم صباحا يا فقر دار السعادة ))هذا نموذج من القوارض التي تركها( ابي علي) تقرض كل شيء تصادفه امامها او جوارها وخلفها وهو منشغل بترويض الثعابين التي لو لم يسمنها او يغذيها لما صارت تخيفه وعندما حاول التخلص منها كانت تكشر عن انيابها وتلتف حوله لانها قد صارت شديدة اللدغ والعض ، والبعض منها اصبح له رأسان فعلى نفسها ((جنت براقش ))وعلينا جميعا جنى (ابي علي).