يبدو هذا ضرباً من الخيال، وأمراً يشبه العجز و يكشف الاستفحال في طريق استقرار وسلامة الوطن، وأن يكتب كل ما يكتب ويقال كل ما يقال، لحجب حقيقة عن مخططات الأوغاد المنافحين عن المجرمين، من العازمين على تدمير الوطن، ونسف جهود أبنائه الخيرين، إننا مع هذا النوع من البشر على دراية أن عطارو كل هذا البلد لا يقوون على إصلاح ما أفسد أعداؤه، ولن تنفع معهم دعوات المظلومين وتضرعات المقهورين، من تحقيق حلمهم المشروع بالأمن والحياة الطبيعية لكن يجب أن يعرفوا أيضاً أننا نقبض على فائض من مناخ الربيع ومعه لن نفقد حقنا في التغيير المطلوب، ولن تضيع سخرية العقلاء في أتون مكابدات الأغبياء، وأوهامهم وسذاجة تصوراتهم الحمقاء. في السابق كانوا يتحدثون عن الوطن، هدفهم الأول والأخير ضرورة بقائهم في سدة الحكم هي خدمته والخروج عنه إثم وفجور، كما أن الانتقاص منه تهمة وجرم مشهود، ولم يكن كل ذلك سوى خلق مصطلحات لغوية لتبرر أسانيدهم الإقصائية، معها تلاعبوا باللغة، وبها أتقنوا فن مراوغتنا والزيف فنون الدكتاتور الحياتية المتعددة (سياسي، ثقافي، اجتماعي، اقتصادي) متفرد بها، ومتقلبة الأوجه والضمير، وعبر مشتقاتهم اللغوية قطفوا ونحتوا من أعمارنا ثمرها، ومن الوطن حطبوا ثرواته، الخضراء والزرقاء، وحتى السوداء من الذهب الأسود المتدفق. الشرعية كانت ديدنهم، فيصلهم بين المتخاصمين.أما عما يخص المواطنة المتساوية، فذاك هدف ثلاثين سنة ويزيد، ظلوا على صدورنا وفوق قلوبنا رابضين، وبالنسبة للدستور والقانون وتحقيق الاستتباب، الأمن والسلام.فهذه حفظناها عنهم-عن ظهر قلب-ليس في بطون الكتب ولا صفوف مراحل الدراسة يجري تصديرها في حلقات السلطة المتلفزة، ومآدب الضلال الإعلامي المتوحد. حياة المواطن وحقوقه بدرجة رئيسية-كل الزمن الفائت-ظلت تصول وتجول في مختلف حفلاتهم التنكرية؛ الأعياد الوطنية موسمهم، نستعرض معها صفوف الجيش مرصوصاً نحيلاً بائساً، وفي لقاءاتهم الحزبية التخويفية،لا يرفقون بنا - كبشر نفتقر إلى أبسط متطلبات الحياة- من مأكل، ماء ودواء،بل يذهبون في ولائمهم المسرحية التراجيدية إلى التناولات الفوقية، كما لو أننا بلد في مصاف العالم المتقدم. لقد أصبحنا بهم كما-كانوا يحاولون إقناعنا-زيادة حتى في المنازل، بين الأثاث والأدوات؛ كأننا كنا سيد اختراعاتهم واكتشافاتهم الفريدة،أصبحنا عباداً لحكمهم وتفردهم، أو لكأن هذا البلد معهم صار فيه المزيد من التقدم هو في جوهره مزيد من التقهقر إلى ما قبل سؤال الحرية وهاجس الكينونة والوجود. لا يعلمون أننا نصحو وننام على مخلفاتهم التآمرية الحاضرة المفجعة، نسج مشاريع الاحتراب تطلعاتهم. وصناعة التمرد والتلويح بتفجير الوضع،دأبهم.. وكل ذلك لا يدفع سوى إلى سفك الدم اليمني برصاص الأخوة، والعيش مع أكوام القمامة، حتى الحلم بخيار أن يفوز اليمني بنقطة ضوء في ليل وطن حالك، صار مجرد حلم. وبعيداً عن هذا وذاك، اليوم يحاولون إحباط كل محاولة محلية وإقليمية ودولية؛من شأنها أن تقترب من هذا الأمل المفقود مع بقائهم مسلطين على رقبة هذا الوطن، يتحدثون عن مشاركتهم في تهدئة الحياة وتركها تمضي بسلام، هذا لا أساس له من الصحة والملايين خير شاهد، معهم لا شيء من الاستقرار والأمن والأمان، سوى في منابر نعيقهم الإعلامي المسخ، ولم يدعوا العالم أجمع أو حتى اليمنيين انفسهم أن يظفروا بفرصة إنقاذ اليمن باليمنيين، دون غيرهم. اليوم لا يبدو لنا وقد احسنوا النوايا حتى اللحظة؛ أنهم اكثر ارتهاناً للخبث والعبث، إنهم وفرة من العلا قمة و الأعداء لهذا الوطن وضده.ألسنتهم ابتلعوها،وإن تحدثوا وظفوها في تخليد الظلم المقيت والذم والقدح في الوطن. لا يفعلون أبعد من التنكر لليمن الأم الحنون الوطن الصامد في وجه رياحهم الهدامة.ولم نشاهد سواه في صيرورتهم على الإيقاع به،يوغلون بمعاناته، ويشيحون عنه الوجوه.كيدهم يتجاوز كل التوقعات،وقبحهم يكاد يقطع في الصبر أصحاب الوجوه الصفراء يواصلون حثيثهم في شق الصف مجدداً.يتقصد إلى صفوف من العاجزين الخانعين،وآخرين من طوائف وأمراء وملوك الحرب والشتات. يريدون لهذا البلد أن يبقى على ماهو عليه.تتوسط حالته خط تماس، مقلقة مشوهة،ممن يسخرون كل إمكانياتهم للفتك به،و بين من يكابدون الأيام والليالي ليحققوا له ولو النزر اليسير من تطلعات المواطنين العزل؛من يحلمون أن يتخطى وطنهم لحظاته العصيبة ليعيشوا في ظله بوئام. لو نظروا في المرآة لرأوا، ولو أنهم رأوا لاطلعوا في كل هذا العبث والخوف الذي يريدونه للمواطن؛يريدون له أن يبقى أسير الفجائع والألم، إنها حالة الاعتوار،الفاصل الزمني بين ما هم عليه وبين ما يريدونه أن يكون، إنها المسافة الفاصلة بين شكهم ويقيننا،بين خيباتهم الحارقة وأمنياتنا الناصعة، بالوطن الذي كبرت معه آمالنا، بنضال أهالي الساحات العظيمة، ولعل مأثرتها ستكبر وتتسع لتغطي مساحة الوطن في كل شبر،ولا شك - ستطفئ حرائق ملوك الطوائف وزمر الكارهين للسلم. [email protected]