لا أخفيكم أعزائي القراء أني ترددت كثيرا في كتابة هذا المقال وذلك خشية من أن يفسر تفسيرا خاطئا من بعض أصدقائي المقربين والذين عشت معهم أجمل مراحل حياتي وهي مراحل الدراسة وحتى التخرج من الجامعة ثم التقينا في مرحلة الحياة العملية والوظيفية بعد الدراسة وتربطني بهم أوثق عرى الإخوة والصداقة والذي ينتمي غالبيتهم إلى حزب التجمع اليمني للإصلاح والى جماعة الإخوان المسلمين بالذات ولكن ثقتي في سعة صدور الجميع ومنهم أصدقائي لتقبل أي نقد بناء هدفه إسداء النصيحة وليس من مبادئنا التجريح وإبراز السلبيات والتغاضي عن الإيجابيات . العلنية هي إحدى إيجابيات العمل الإسلامي في اليمن والذي بدأ من وقت مبكر منذ وصول سفير الأمام الشهيد حسن البناء المفكر الإسلامي الفضيل الورتلاني إلى اليمن لأول مرة في العام 1947م مرورا بفكرة قيام حزب الله كأول حزب إسلامي في اليمن لمؤسسه أبي الأحرار الشهيد محمد محمود الزبيري حتى إقرار التعددية السياسية في اليمن بعد الوحدة اليمنية المباركة وتأسيس حزب التجمع اليمني للإصلاح وانضواء جماعة الأخوان المسلمين في اليمن تحت مضلة هذا الحزب وكمراقبين للعمل السياسي الإسلامي في اليمن نجد إن فترات العمل العلني لجماعة الأخوان في اليمن هي الغالبة ولم نجد إن التنظيمات ذات المرجعية الإسلامية ومنها جماعة الإخوان المسلمين مارست النشاط السري إلا في فترات قليله وكانت ممثلة بقياداتها ومفكريها و متواجدة في جميع مراحل النضال الوطني والتحولات الوطنية وكانت منحازة ومعبرة عن تطلعات وآمال الشعب ولا ننسى انه عندما استشهد أبو الأحرار الزبيري كان إلى جواره ومرافقا له في كل تنقلاته الشيخ عبد المجيد الزنداني وعدد من القيادات التاريخه للعمل الإسلامي في اليمن وهو ما عكس حالة التسامح والعقلانية والرؤية الرشيدة التي التزمت بها جماعة الإخوان في اليمن فلم تخرج مثلا أجنحة تكفيرية من داخل عباءة الجماعة كما حدث مع جماعة الإخوان في مصر الذي تعرض أعضاؤها لصنوف من التنكيل والمضايقات والحظر من جميع الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة بدء من فترة الملك فاروق من وحتى نظام عبد الناصر مرورا بالسادات حتى حسني مبارك القمعي. حتى إن ثورة 25 يناير في مصر عندما قامت وجماعة الإخوان المسلمين تعتبر جماعة وتنظيم محظورين رغم مشاركة أعضائها في النشاط السياسي تحت مظلة أحزاب أخرى أو كمستقلين وفي ظل حرب ضروس مع حكومة الحزب الوطني ولم تتمكن من إنشاء حزب سياسي خاص بها إلا بعد نجاح الثورة وعكس ذلك تماما جماعة الإخوان المسلمين في اليمن التي مارست العمل السياسي وأنشأت حزبها الخاص التجمع اليمني للإصلاح منذ وقت مبكر ولم تعاني من أي تنكيل أو اضطهاد أو حظر. ومثل فكر الإخوان بما يحمله من وسطية وديناميكية ملجأ ومأوى لخيرة أبناء الوطن من أقصاه إلى أقصاه خاصة وهي تستوعب جميع أطياف المجتمع ولم تمثل المناطقيه والمذهبية عقبة في استقطاب الأعضاء أو ممارستهم للعمل السياسي فيما بعد وتحت شعار«انه الإسلام أمي وأبي» ومثلت اليمن ومأوى لكل المضطهدين والهاربين من جحيم الأنظمة الدكتاتورية العربية (إذا كثرت الفتن فعليكم باليمن). ونظرا للحالة الصحية التي نشأت وترعرعت فيها جماعه الإخوان المسلمين في اليمن حتى بلغت سن الرشد فأنه يجب أن تنعكس تلك الحاله على طرق وأساليب وقرارات الجماعة وهي تشارك كحزب سياسي في صنع التحولات السياسية في اليمن بعيدا عن المؤثرات و الإملاءات الداخلية والخارجية وبما لا يجرح أو يخالف المبادئ النبيلة التي قامت على أساسها الجماعة ومن المفترض من قيادات وقواعد الإخوان الانفتاح على جميع التيارات والأطياف السياسية والقبول بالتنوع الفكري والمذهبي واعتباره من عوامل القوة وليس من عوامل الضعف وعدم الضيق والتبرم من سماع وجهات النظر الأخرى والرأي المخالف والابتعاد عن التفكير في إمكانية قلع أو زرع أي فكر أو ثقافة أو معتقد بالقوة فذلك زمن قد ولى وولت معه حقبة الوصاية والحجر على الأفكار والمعتقدات. خاصة ونحن نعيش في زمن النت والقنوات الفضائية التي جعلت العالم قرية واحدة. وحتى لا تكون القيادات الجديدة للعمل السياسي في اليمن ممثلة في جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من القوى الوطنية الأخرى هي الوجه الآخر للأنظمة السابقة فأن عليها أن تمارس مزيدا من الشفافية وأن تجعل أهدافها الحالية والإستراتيجية مرئية ومفهومة للجميع بدءاً من رجل الشارع البسيط حتى قمة الهرم في الدولة , إذ لا مكان لأي أهداف مخفية أو غير معلنة ، والاقتناع أن زمن العمل السري ولى إلى غير رجعة ولن يقبلني الشعب والمواطن البسيط كحاكم إذا مثلت عليه دور الوصي واعتبرته قاصرا وحكمته بمزيد من الضبابية السياسية ومارست الإقصاء والتهميش واحتكرت الموارد والامتيازات لصالح أعضاء الجماعة أو الحزب المقربين وان حدث هذا لا قدر الله فأنه سيقوم بإنتاج نظام عائلي جديد بامتياز العائلة فيه هي الجماعة وليست الأسرة فالحذر الحذر من هذا السلوك ولكم في من سبق عبرة وعظة. الأمر الآخر والذي يجب أن نحذر منه هو التقليد المذموم لبعض الوسائل والأدوات الثورية والتغييرية التي نجحت في دول ومجتمعات عربية أخرى ومحاولة تطبيقها في اليمن دون الدراسة المتأنية لبنية وتكوين المجتمع اليمني وظروفه السياسية والتاريخية وموقعه الجغرافي والإقليمي ما نجح في دوله قد لا ينجح في دوله أو مجتمع آخر بل أن التغيير بالقوة قد يسبب التفكك للدول وهدم وتدمير النسيج الاجتماعي لها وقد لا تعود لها عافيتها إلا بعد عقود طويلة وعندها نكون كمن يخربون أوطانهم بأيديهم وقد نندم حين لا ينفع الندم . ما نحذر منه وبشدة ما لمسناه من بعض قيادات وقواعد الإخوان النظر بالاستعلاء على الآخرين وإظهار التميز عليهم والبحث عن سلبياتهم وتحضير تهم جاهزة لاستخدامها عند الحاجة وتكريس مقولة من لم يكن معي فهو ضدي وكذلك النظرة السطحية في بعض القضايا المصيرية وتغليب العاطفة على العقل عند مناقشة تلك القضايا فعندما أجد من ينسج مقارنة بين الحوثيين واليهود ويقوم بنشرها في مجموعات الفيسبوك مثلا أصاب بالإحباط وأتساءل كيف ستكون العلاقة المستقبلية والتعايش بين أطياف المجتمع اليمني المختلفة بجميع مذاهبها وانتماءاتها السياسية والفكرية لو سمح لهذا السلوك بالنمو وزرعت ثقافة الإقصاء والتهميش والحقد بدلا من زرع ثقافة التسامح والمشاركة والمساواة لبناء دولة مدنية حديثة. أيضا ننصح بعدم الاندفاع في الفعل الثوري والتغييري دون فحص مشروعية الوسائل ونظافتها للحصول على نتائج إيجابية ودائمة خصوصا في المؤسسات المدنية والعسكرية وعلى قاعدة انه ليس كل من عمل مع النظام السابق فاسد فقد عمل معه الجميع ومنهم الإخوان أنفسهم حيث شاركوا النظام كسلطة ومعارضة مرة تلو أخرى وشاركوه في كثير من أخطائه وحروبه ومنها مشاركتهم في حروب المناطق الوسطى وحرب صيف 94 وهي أمثلة ليست بعيدة. طمئنوا الناس أيها الإخوان.. أدرسوا تجارب الأحزاب الإسلامية في الحكم في دول مثل تركيا وماليزيا لا تنقلوا كل التجارب ولا تقلدوا كل شيء بل يمكن استنساخ التجارب الناجحة والتي تتوافق مع الواقع اليمني بعد دراسته دراسة متأنية وتذكروا دائماً إن هذه التجارب الناجحة هي التي انتشلت هذه المجتمعات والدول من تخلفها وحولتها إلى دول صناعية ومتقدمه و لم تنجح إلا في ظل مناخات وأجواء سياسية واجتماعية صحية وفي ظل تعايش ديني ومذهبي وبعد أن تحللت هذه الأحزاب من أدران الماضي وتحللت من قبضة العسكر والوجهات القبلية والتي تعاني منها جميع التيارات السياسية في اليمن ومنها جماعة الأخوان ويطرح البعض إن ما تقدمه هذه القوى من دعم أو تأييد هدفه الرئيس الاحتواء والاستحواذ والوصاية على العمل السياسي وحجب مشاركة الأغلبية وتكريس سيطرة الأقلية برغم ادعائهم بأنهم غير طامعين في سلطة أو منصب ولكن الحقيقة إنهم من يمارسوا السلطة ويتحكموا في مصير الوطن ويستأثروا بخيرات ومقدرات الوطن ولكن من وراء حجاب مستخدمين الأحزاب كطاقية إخفاء , ونبينا الكريم لم يقل أن الحكمة تركية أو ماليزية ولكنه قال “الحكمة يمانية” والحليم تكفيه الإشارة .