أريد من أحدكم إذا كان يعرف مقر اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين,والكائن في شارع الرقاص بالعاصمة صنعاء لمن لا يعرف أن يبلغ أحد الساكنين فيه أن الفاكس الذي بعثه لي بخصوص بيان إدانته لما يتعرض له الشاعر والأديب والكاتب المعروف فتحي أبو النصر من حملة إرهاب فكري شعواء وسهام طائشه تجاوزت حدود الأدب والاختلاف وحق النقد إلى لغة أخرى وبقية الجملة معروفة لم يصلني وأرجو أن يعيد إرساله إلى مجددا. أبو النصر عضو في الاتحاد وهو كاتب وأديب يملك الحس الوطني والإحساس الإنساني والشعور بالمسؤولية,ومع ذلك لم يحرك الاتحاد ساكنا ولا أحد من أعضائه تبرع بذلك. هل سأل أحدكم نفسه يوما: أين دور الاتحاد في الثورة غير بيانات خجولة لا تتجاوز عدد أصابع اليد,ثم ألا تتفقون معي انه تحول إلى أشبه بمقرات المؤتمر التي لا يرتادها حتى أصحابها أنفسهم. ما الفرق بين اتحاد عمر الجاوي واتحاد هدى ابلان ومحمد ناجي أحمد وهلم جرا ,ثمة أشياء كثيرة. تخيلوا ذات يوم عندما بدأت أمارس مهنة المتاعب وأنا بسنة أولى في كلية الإعلام وكنت حينها شغوفا بمتابعة الندوات والفعاليات,وخاصة إذا حضرها مثقفون وأكاديميون بارزون,وكان الدكتور عبدالعزيز المقالح مدعوا لمحاضرة عن تجربة عبدالرحمن بجاش في مقر الاتحاد ولم أكن أعرف عن موقعه سوى انه في شارع الرقاص لكن من أين أدخل إليه؟ لست أدري. المهم بدأت اسأل فلم يعرف أحد عنه شيئا رغم قربهم منه وربما يمرون يوميا من أمامه لكنهم لم يكلفوا أنفسهم النظر إليه أو إلى اللوحة الزرقاء التي تعلو بابه. تذكرت وأسعفني عقلي انه يقع بالقرب من قسم 22 مايو,فقلت: بما الناس لا يعرفون مقر الاتحاد كون الثقافة لا تعنيهم لكنهم بالتأكيد يعرفون مقر القسم لكثرة زيارتهم وارتيادهم له,وهو ما حدث بالفعل فما إن سألت أول شخص صادفته وإذا به يدلني بإشارة إصبعية إلى فتحة في شارع فرعي كي أدخل منه لأصل للمقر. الشاهد والخلاصة لماذا لا يعرف الناس مقر الاتحاد؟..السبب ببساطة هو أن سكانه الذين يصنفون أنهم ينتمون إلى فئة النخبة والقمة في المعرفة والثقافة اعتزلوا المجتمع وعزلوا أنفسهم حين سكنوا في بيوتهم غير مكترثين لواقعهم ولا مستعدين أن يخرجوا إلى الشارع للمشاركة في تظاهرة تطالب بإيصال المياه إلى المنازل أو التيار الكهربائي أو حتى توفير اسطوانات الغاز المنزلي إلى المحلات القريبة من منازلهم. وليقل لي أكبرهم علما وثقافة كم إصدارا إنتاج الاتحاد بوصفه المؤسسة الثقافية الرسمية الأولى في البلاد كتبا أو منشورات العام الماضي مثلا,بل هل يستطيع أن يجيب علي بأن مجلة الاتحاد ما تزال تصدر أم أنها هي الأخرى غابت واحتجبت عن الأنظار كما فعل مثقفوها وهي كانت آخر ما يعرفه الناس عن الاتحاد,وهذه المعرفة تحسب للمثقف الكبير عبدالباري طاهر رئيس التحرير. اخبرني شعراء وأدباء بارزون أن الاتحاد رفض طباعة إصدارات لهم شعرية وأخرى روائية بحجة أنهم ليسوا أعضاء فيه,بينما لم نعد نعرف كيف يتم قبول أو رفض أي شخص يريد الانتساب إلى الكيان الكبير. أريد أن أقول: أن ما ذكرته ليس تحاملا على الاتحاد أو أحد من أعضائه,ذلك أنني لست أديبا أو شاعرا حتى يتهمني أحدهم بأني أريد الانضمام أو طباعة إصدار لي وعليه,فما قلته ذكرني به ما يتعرض له أبو النصر من حملة ظالمة لم نسمع للاتحاد لا تنديدا ولا بيانا ولا موقفا معبرا عن حق الاختلاف والرأي ورفض الترهيب بعيدا عن لغة المنطق والحجة والدليل. أعرف أن الاتحاد أستأثر بأغلب كلمات هذا المقال,لكن ذلك لا يعني أني تعمدت استهدافه,بل على العكس ارتأيت أن ينال النصيب الأكبر من اللوم لأنه مركز تثوير وتنوير,والخمول الذي طغى عليه مؤخرا ليس مقبولا كما انه ليس مفهوما أو مبررا,وهذا التنويه اعتقد أنه كافٍ لمن يرى أن الكلام موجه أو مقصود. قبل فترة حين أشيع كذبا أن تكفيرا قد صدر بحق أديبة وكاتبه,تداعى من هؤلاء لإصدار بيان ومعهم متشيعون آخرون للتنديد بما زعموا حينئذٍ أنها فتوى تكفير واستخدام للدين من جهة لم نعلم مصدرها ولا من أصدرها ولم يستطع حتى من حشروا أنفسهم بين مجموعات مفردات صيغت بطريقة توحي كما لو كنا في أفغانستان أو السعودية وليس في اليمن بلد الانسجام الديني الثقافي والاجتماعي. أليست القضية تكمن في الانتماء للحق ومناصرة المظلوم أيا كان بغض النظر عن اختلافنا أو اتفاقنا معه,أليس ذلك هو الأساس والمعيار الذي يجب أن يحكم مواقفنا وخياراتنا مع أو ضد,بدلا من تصيد جهة نضمر لها حقدا دفينا ومخزونا فائضا من الكراهية لا لشيء غير أننا نكره وفقط,وبعدها نسارع بإطلاق صفارات الإنذار صارخين في البكاء والعويل لأن فلانا أو علانا زعم انه اتهم أو كفر كما بات ذلك هو الشائع كسلعة عند من يسمون أنفسهم ب« الحداثيين الجدد»,لا يملكون غيرها منتجا ولا بضاعة فكرية أو مشروعا سياسيا وطنيا جامعا. ما يتعرض له أبو النصر كشف عورات «الحداثيين الجدد»,وكشف عن وجوه كانت تتخفى تحت ستار الحداثة وهلم جرا من المفردات الرائجة في سوق الكلام,وبيّن أن هؤلاء لا يمتثلون حتى للقيم التي يدعونها تجاه إنسان تعرض لموقف مماثل لما سبق وان نددوا به وأعلنوا الحرب وأقاموا الدنيا ولم يقعدوها لحادثة صغيرة. نذكر بأن أبو النصر الإنسان كتب على سبيل المثال لا الحصر عن السلفيين في دماج وأبدى تضامنه مع ما يتعرضون له من انتهاكات لحقوق الإنسان من اعتداء على الناس والممتلكات مع فرض حصار من قبل الحوثي قبل فترة,رغم أن السلفيين كفروه كما قال بسبب كتابات له سابقة,لكن الحق والإنصاف لم يمنعه من أن يعدل ويقول ما يجب أن يفعله أي إنسان يحكم العقل والمنطق,كما فعل متضامنا مع الحوثي إبان حروب نظام صالح عليه. حين اتصل به مجهول وهدده في حال استمر بالتطاول على ما سماه «أسياده»,قال لي في رسالة بالتلفون هذا نصها «ستظل تطلعاتنا بالمواطنة أقوى بينما ستظل تطلعاتهم أكثر هشاشة وحمقا”.واترك لكم التعليق على هذه العبارة الرائعة. ستظل عورات من يطلقون على أنفسهم وصف «الحداثيين الجدد»,مكشوفة,واقصد هنا بالعورات انكشاف الضمير وغياب الانتصار للقيم والمثل العليا,حتى لا يفهم كلامي في غير سياقه,ما لم يبينوا موقفهم من قضية أبي النصر تحديدا ثم في قضايا أخرى بعد ذلك,كي يعود إليهم رداء وثوب الحق والانحياز للإنسان المظلوم أيا كان على ما سواه,وإنا لمنتظرون.