إذا تحققت التنمية الأفقية على قاعدة حكم لا مركزي ناجز ستكون اليمن هي الرافد الأكبر لضخ الاقتصاديات الخليجية وليس العكس.. علينا أن نفهم ذلك لسبب أساسي هو أن الاقتصاد لن يكون اقتصاداً ريعياً من جانب واحد – نفطي وغازي على سبيل المثال –، بل سيكون اقتصاداً متعدد الجوانب وقائماً على الفكر الإنتاجي والعطاء المستمر المشفوع بثقافة عمل تاريخية دونها روائع المدرجات الزراعية التي شيّدها أسلافنا الكبار.. علينا ألا نفكر بالمال بحد ذاته، ولكن علينا أن نفكر بآفاق التنمية الاقتصادية الداخلية، من خلال إنجاز النظام الاتحادي اليمني بصيغة يمنية وبطراز يمني خاص. نظام اتحادي يتفصّل على بيئتنا وتاريخنا وجغرافيتنا وموروثنا. هذا النظام هو الذي سيسمح لنا بتعظيم أفضليات النمو الأفقي، وبخلق الشراكة الواسعة للمبادرات التنموية الإبداعية في مختلف أقاليم البلاد.. يومها سنرتقي بكرامتنا، لأننا سنكون اليد العليا لا السفلى كما نحن الآن للأسف الشديد. وبهذه المناسبة يتساءل البعض حول محتوى ومفهوم النظام الاتحادي “ الفدرالي”، وهو مصطلح ينتمي للأدب السياسي العالمي والأوروبي على وجه التحديد، حتى أنه أصبح مثل الوثن.. مثل الشي الغريب أو مثل اللغز. الفدرالية عبارة عن دولة مُتّحدة أو اتحادية.. فمثلاً «الولاياتالمتحدة الأميركية» هي دولة فدرالية.. روسيا الاتحادية دولة فدرالية.. الامارات العربية دولة فدرالية.. ألمانيا الاتحادية دولة فدرالية. إذاً.. هذه الدول الاتحادية معروف أن كل منها دولة واحدة، ولكن ليس من فدرالية أو دولة اتحادية على وجه الكرة الأرضية تشبه الأخرى، بمعنى أن هذا النوع من النظم عبارة عن دواء أو علاج أو آلية تتناغم مع البيئة الثقافية والتاريخية الخاصة بكل دولة.. تستقي مفرداتها من هذه البيئة، فالاتحاد السويسري قائم على أسس أثنية، والاتحاد الايطالي قائم على أسس تنموية إقليمية أفقية، والاتحاد الماليزي قائم على أسس بمرجعية سلطانية فولكلورية دستورية، ولكن بتحرير كامل للإقتصاد الأفقي، والإمارات العربية قائمة على أسس اقتصادية تحرر عوامل النماء الاقتصادي الأفقي كما نرى، وتتميز عن كل الدول العربية بهذا المعنى. هذا يُبيّن لنا نسبية هذه الصيغة، وتناسبها الطردي مع كل خصوصية، وكيف أنها تمثل المخرج السليم من نظام الشمول المركزي المُتخشّب.