اليوم تجرى التحضيرات والمشاورات بين مختلف القوى والتيارات السياسية والاجتماعية من أجل الإعداد والبدء في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، والذي سيتمخض عنه شكل الجمهورية اليمنية الجديد وشكل النظام الجديد الذي سيسير عليه اليمنيون، وكل هذه القوى تحمل أفكاراً ورؤى تختلف من تيار إلى آخر ومن حزب سياسي إلى آخر، كما تختلف بين هذه القوى وشباب ساحات الحرية والتغيير في كثير من الأمور بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدني والحركات والمنظمات النسوية. ولا شك بأن الوضع العسكري والأمني القائم حالياً هو المعضلة الرئيسية التي تقف حجر عثرة أمام بدء عملية الحوار بشكل جدي وعلني وشفاف، فتوحيد الجيش وقوى الأمن سيسهل كثيراً في عملية البدء بالحوار الوطني الشامل، فترك السلاح والتبندق به في الشوارع والطرقات وعودة أجهزة الأمن للعمل من أجل حفظ أمن الوطن والمواطن. وفي خضم هذه الأجواء نرى أن غالبية المواطنين يسعون من أجل أن يتبنى السياسيون همومهم وآراءهم في شكل الجمهورية الجديدة.. إن غالبية أبناء الشعب يريدون وطناً موحداً خالياً من العصبيات المناطقية والمذهبية والقبلية، يريدون جمهورية ديمقراطية حقيقية يكون من حق القضاء محاسبة الرئيس المنتخب إذا أخلّ بواجباته والتزاماته، وبخاصة في مجال الذمة المالية، يريدون جمهورية ينتخبون فيها من يمثلهم بنظام القائمة النسبية بحيث تقل سيطرة المشائخ والوجاهات على نتائج الانتخابات التشريعية، يريدون جمهورية فيها حكم محلي كامل الصلاحيات، ولا بأس أن تكون هذه الجمهورية ذات نظام يتكون من أكثر من إقليمين، يريدون جمهورية لا وصاية عليها من أسرة أو قبيلة أو طائفة أو دولة أخرى.. جمهورية يكون فيها الحق في الإدارة لمن هو مؤهل وكفء وقادر على تحمل المسئولية ومستعد للمحاسبة أمام القضاء إذا قصّر في واجباته. نريد جمهورية يرفع اليمني رأسه عالياً عند باب سفارتها في أية دولة من دول العالم فخراً واعتزازاً.. نريد جمهورية تخدم الشعب أولاً وأخيراً ترعى مصالح المواطن في الداخل وفي الخارج.. جمهورية قادرة على أن تدافع عن نفسها أمام أي انتهاك للسيادة جواً أو بحراً أو براً، لديها قيادات عسكرية أمنية.. همّها مصلحة الوطن لا تخضع لشخص محدد أو عائلة محددة أو قبيلة معينة وإنما تخضع لمصالح الوطن.. لمصالح الشعب لا توجه البندقية أو المدفعية أو فوهة الدبابة إلا إلى صدور أعداء الشعب والوطن، أسلحتها لا تخرج للشوارع والمدن وإنما تظل هناك على طول الحدود في ثغور الوطن حيث يمكن أن يشكل أي توتر أو تفجر عسكري خطراً على اليمن وعلى الشعب.. نريد جمهورية يسودها القانون ولا تتعطل قضايا الناس ومشاكلهم في المحاكم فيلجأون إلى الثأر. نريد جمهورية فيها تعليم حديث يرتفع بأبنائنا وبناتنا نحو المشاركة الفاعلة في بناء اليمن الجديد، الجمهورية التي نريد.. كما أننا نريد أن تكون المراكز الصحية والمستشفيات خالية من الفساد وأن يجد المرتاد لهذه الأماكن العناية الصحية اللازمة.. وكل هذا هو جزء بسيط من طموحات اليمنيين في الجمهورية التي يريدون ويحلمون بها.. فهل يسمعها السياسيون ويتبنون ولو جزءاً من مطالب الشعب..؟