التعامل مع قضايا التاريخ والعقيدة من أصعب الأشياء، وكانت صعدة خير مثال على ذلك، حيث تابعنا خلال السنوات والعقود الماضية درجة كبيرة من التساهل في التعامل مع هذه المسألة، بدليل توسّع السلفية الجهادية فيها، حتى بدأت تأخذ طابعاً مُكاشفاً قد يتحول إلى مستوى الجهاد المقرون بنزعة طُهرانية واضحة. عندئذ شعر النظام بوطأة الأمر، وبدأ بدعم الشباب المؤمن، وكأنه يُعالج الداء بالداء. من المهم هنا أن ندرك أن الخلل ليس في الأساس الدستوري لوظيفة الدولة في النظم التعددية أو غيرها، وإنما يكمن في تسييس وظيفة الدولة، فتكون المعالجات التي أشرنا إليها معالجات سياسوية، وليست سياسية بالمعني الحكيم للكلمة. كانت معالجات كيدية تنطوي على نوع من الصراعات الداخلية البينية بين المؤتمر والاصلاح والحزب الاشتراكي اليمني، وهذه أفضت في نهاية المطاف إلى أن يرفض المرحوم حسين بدر الدين الحوثي المجيء إلى صنعاء، وأن يصبح بهذا المعنى متمرداً بحسب تصنيف السلطة، ثم جاءت المعالجات العسكرية، ويا لها من فداحة. والأصل أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال في أن يتم ذلك، فأي جيش وطني في العالم يدافع عن البلد.. هذا هو دور الجيش، لا أن يقصف المدن مهما كانت المبررات. إنه لمن الخطأ الفادح أن تستخدم الآلة العسكرية في قصف أي منطقة في اليمن، خاصة إذا كان التمرد غير مقرون بمشروع مُعلن للخروج على نموذج الدولة، وعلينا أن نستذكر دائماً أن بداية نهاية سقوط نظام “سياد بري” في الصومال كان بالتحديد عندما قصف بالطائرات والمدفعية مدينتي “بربرة” و«هارجيسا» في شمال الصومال. ومنذ قصف هاتين المدينتين بدأت متوالية سقوط نظام “بري”، وانفتح الباب لمتوالية تراجيدية جهنمية تعيشها الصومال حتى اللحظة. لهذا السبب نقول إن هناك مسائل واضحة المعالم، على الدول أن تتمسك بها. جيش يدافع عن البلد وليس عن النظام. وهنالك وسائل كثيرة جداً لحلحلة المصاعب. نحن اليوم أمام جماعة “جهادية”، منهم كثير من الشباب “الطُهرانيين” الذين لا يفقهون ما يفعلون، والذين يعتقدون حقاً وصدقاً أنهم ذاهبون إلى الجنة. وهنالك دوائر خفائية تُخطط للخرائب من غرف مظلمة، فماذا نحن فاعلون ؟. [email protected]