أختلف من حين لآخر إلى مدينتي (تعز)، وقد عشت فيها ليالي وأيام رعب متصلة, هجرت فيها العصافير أعشاشها, وغادرت فيها الأحلام الحلوة أهداب الطفولة البريئة, وارتدت الأبصار حسيرة حين نظرت تبحث عن الأقمار والشموس، فوجدتها قد لاذت بالمجرات خائفة مذعورة من أرتال القتل وعصابات سفك الدماء, حين كانت تعز تأخذ إفطارها على زئير الدبابات، وتنام على التماع صواريخ الحقد، مضللة بدخان كثيف لعقد أسود!! وبالرغم من ذلك فإن تعز كباقي مدن الجمهورية وقراها قلبها عامر بالأمل الذي لاحت أشعته في 21 فبراير الماضي؛ إذ خرج الشعب اليمني في طواعية (محض) ينتخب السلام والاستقرار والمواطنة المتساوية والعدل الاجتماعي, والمسؤولية (المسؤولة)!! هذه المرة زرت تعز (أواخر مايو) فوجدت شبه إجماع على أن الإرادة السياسية قد وفقت في اختيار شابين, تتوافر فيهما صفة القيادة بروح المسؤولية والرغبة في الإصلاح, هما الأخ شوقي أحمد هائل سعيد أنعم وعلي محمد السعيدي؛ الأول محافظ والثاني مدير أمن عام. أما الأول؛ فقد عرفته صديقاً مما يزيد على عقد من الزمن, مهذباً, يدير تارة أعمال والده أحمد, وتارة أخرى يدير أعمال عمه الفاضل عبدالجبار, وحسب شوقي أن يكون قد تخرّج من مدرسة أبيه الذي وصل به إخلاصه في العمل وحبه للخير في كل مكان من اليمن حد الإرهاق، شفاه الله. وأما العميد السعيدي؛ فعرفته مما يزيد على خمس عشرة سنة, شاباً يسبق عقله عمره الفتي, وقارئاً ومحاوراً, لا يحب أن يمضي المقيل سواءً أكان في منزله أم في منزل صديق إلا وقد فتح موضوعاً مفيداً, نتداول فيه جميعاً, ويتدخل بهدوئه أحياناً ليخفف من وطأة الانفعال, إذا اشتط فيه زميل أو ثار فيه محاور.. وقد استطاع العميد السعيدي بفترة وجيزة أن يعيد نبض قلب المحافظة إلى إيقاعه الطبيعي, فالناس يثنون على ما استقر في لواء تعز من أمن وما استتب فيه من نظام. أما شوقي هائل فيعينه الله على هذه المسؤولية المرهقة وبعض مثقفي المنطقة الذين يفترض أن يكونوا عوناً لكل من المحافظ ومدير الأمن في تحمل المسؤولية في هذا الوقت الحاسم. هذه السطور أسجلها احتراماً وتقديراً للرجلين المحترمين، اللذين أثبتا أن اليمن بخير، وأنهما قادران على أن يكونا عند حسن ظن الأمة اليمنية، ليس في تعز وحسب وإنما في كل الوطن اليمني.. فشكراً باسم المحافظة للأخوين شوقي هائل وعلي السعيدي.