ما أجمل تلك اللوحة الجميلة التي رسمتها الوحدات العسكرية المقاتلة في محافظة أبين بمختلف تشكيلاتها البرية والجوية والبحرية ومعها اللجان الشعبية من ابناء محافظة ابين البطلة وهم يتصدون لمن يسمون انفسهم انصار الشريعة وهم منها براء..لقد قدمت هذه الوحدات العسكرية نفسها للشعب اليمني كنموذج لجيش موحد وإن كان مايزال الانقسام قائما في بعض الوحدات الأخرى التي يتشكل منها الجيش اليمني بسبب الولاءات الضيقة للاشخاص والانتماءات الحزبية التي يجب ان تكون القوات المسلحة والأمن بعيدة عنها..لكن الشيء المؤكد هوانه مهما حاول الحكام العرب ان يؤثروا على عقيدة الجيوش الوطنية ويخضعوها للدفاع عن انظمتهم فإن هذه الجيوش سيظل ولاؤها للاوطان تدافع عن سيادتها واستقلالها. ان الانتصارات التي حققتها الوحدات العسكرية بتشكيلاتها المختلفة تساندها اللجان الشعبية في محافظتي ابين وشبوة قد اثبتت ان اليمن على مدى تاريخها بما فيها حقبة ما قبل الاسلام, شكلت رقماً صعباً في اطار الامة العربية والاسلامية،و لذلك سميت من قبل الرسول الاعظم عليه الصلاة والسلام ببلد الايمان والحكمة. والاوائل اطلقوا عليها اصل العرب، وهناك من المؤرخين من يقول إن اليمن هي موطن الانسان الأول، وفي كل بلد عربي يوجد جزء من سكانه يمنيون ومازلنا الى اليوم نسمع من يتفاخر بأن اصوله من اليمن، خاصة من ابناء الشعوب العربية في دول المغرب العربي أمثال تونس والجزائر وليبيا والمغرب وموريتانيا، بالاضافة الى مصر والسودان وشمال الجزيرة العربية والخليج العربي. ونتيجة لهذا الوضع المتميز الذي اكتسبته اليمن من حيث الموقع الجغرافي والدور المؤثر الذي ارتبط بتاريخ ابنائها سواء قبل الاسلام او بعده،ومازالت الى اليوم دورها طليعي اضافة الى ماتمتلكه من إرث حضاري وتاريخي وهو الأمر الذي جعل اليمنيين يبادرون في كل شيء.. ورغم تواضع امكاناتهم المادية والظروف التي احاطت بهم قبل قيام الثورة اليمنية الخالدة 26سبتمبر و14 اكتوبر حيث كاد حينها حكم الأئمة والمحتل يلغي دورها التاريخي ويعزلها عن العالم إلا ان الرد على الانتكاسات العربية كان يأتي دائماً من اليمن. فحين فشلت الوحدة العربية بين مصر وسوريا وتم اعلان الانفصال في 28 سبتمبر من العام 1961م لم يمر الا عام واحد فقط ليأتي الرد من اليمن بقيام ثورته المجيدة في 26سبتمبر عام 1962م لتحرك المياه الراكدة في العالم العربي وتعيد البسمة الى شفاه العرب جميعاً وبقيامها احدثت ما يشبه الزلزال في شبه جزيرة العرب، وبعد عام من قيامها تفجرت ثورة 14 اكتوبر عام 1963م ضد المحتل البريطاني في جنوب الوطن سابقاً، وهي الثورة التي جعلت شمس بريطانيا العظمى تغرب عن مستعمراتها، لأنها كانت آخر مسمار يدق على ايدي اليمنيين في نعش الامبراطورية التي لم تكن تغرب عنها الشمس. وعندما تعرض العرب لهزيمة 5 يونيو 1967م من قبل الكيان الصهيوني جاء الرد الحاسم من اليمن بعد اشهر قليلة، حيث تم طرد المحتل البريطاني من جنوب الوطن وانتزاع الاستقلال الناجز لتتوحد في ظله اكثر من عشرين سلطنة ومشيخة تحت علم واحد.. وبذلك اصبح اهم ممر دولي في العالم المتمثل في باب المندب على مدخل البحر الاحمر تحت السيادة العربية فكان له دوره المهم في رد الاعتبار للعرب في 6 اكتوبر عام 1973م حينما عبر الجيش المصري قناة السويس واسقط خط برليف الشهير.. وحين تعرض العرب لانتكاسات جديدة نتيجة خلافاتهم على كرسي الحكم والتسابق على ولائهم للغرب ضاربين بكل المصالح العربية الوطنية عرض الحائط جاء الرد ايضا من اليمن، لكن هذه المرة ليضع اللبنة الاساسية للوحدة العربية من خلال إعادة توحيد اليمن في 22 مايو 1990م الذي فرقها حكم الأئمة والمحتل البريطاني. ولأن العين اصبحت حمراء على اليمن فقد اقدم اعداء الثورة والوحدة في الداخل والخارج على محاولة يائسة في صيف 1994م بهدف إعادة عجلة التاريخ الى الوراء واجهاض الوحدة اليمنية، ورغم كل ما رصدوه من امكانات مادية وعسكرية وحشد إعلامي رهيب، فقد خرج اليمن منتصراً لوحدته وثورته واثبت اليمنيون انهم قادرون على ان يدافعوا عن وطنهم ومكاسبهم المحققة بما يمتلكونه من ايمان راسخ بوحدة اراضيهم والدفاع عن السيادة والاستقلال.. وكلما اوقد اعداء اليمن ناراً للحرب واشعلوا فتيل الفتن تحت اي مبرر، كانوا يواجهون بنفس الصمود والتصدي.. وخير مثال ما يقومون به اليوم من مواجهة مؤامرات خبيثة بطرق واساليب مختلفة،كما يفعل اليوم فلول القاعدة وان كان هدفها واحد هو اضعاف اليمن وتشويه سمعتها في الخارج. ان كل ما يحدث في بلادنا يثبت ان عدو اليمن واحد منذ قيام الثورة حتى اليوم بدليل انه يوجد ربط مباشر بين كل الاحداث التي تعرضت لها اليمن خلال الخمسة العقود الماضية، وان الذين يحركونها من الداخل والخارج هم اعداء الثورة والوحدة المتضررين من وجود النظام الجمهوري وكم هو مؤسف ان نجد عددا من هؤلاء الذين كانوا يحاربون الثورة والجمهورية قدتسللوا بطرق مباشرة وغير مباشرة ليصبحوا من اركان النظام واتضح ان لهم دور في نخره من الداخل.. ولا نعتقد انهم سيكفون عدوانهم على اليمن ومحاربة مكتسباته.. لكن اليمنيين سيظلون يشكلون بالنسبة لهم حجر عثرة تمنعهم من تحقيق اهدافهم الشريرة ولن ينجحوا في تحقيق اهدافهم ابدا مهما كانت خطورة مخططاتهم الجهنمية وبفضل ثورة الشباب فإن اليمنيين يقفون على اعتاب يمن جديد وبذلك يستعيدون دورهم الحضاري الذي عرفوا به على مر التاريخ وتعودالحكمة يمانية.!!