كان السياسيون قد وعدوا أن ما يكون صالحاً من قوانين وإجراءات في الشطرين قبل الوحدة سيظل معمولاً به. ومن الحسنات التي كانت في الجنوب هو منع حمل السلاح ومنع القات وقانون السير والجمعيات السكنية والزراعية ومحو الأمية خاصة وسط الفلاحين والبدو الرُّحل، وحسنات أخرى كالإرشاد الزراعي والصحي والرقابة على الأسعار والشعور بالأمن. اتضح أن الوعد لم يتحقق فكانت الغلبة للفوضى، وكم هو منظر قبيح تحتقره الفطرة ذلك الذي يتأبط شراً فيحمل السلاح. إن حامل السلاح يرمز للقتل.. إنه شرير وشيطان, إن حامل السلاح كما لو كان يرشح أحداً للموت، وإلا لماذا يحمل السلاح؟ وقد كان محافظ تعز الأستاذ شوقي هائل سعيد موفقاً عندما كان صارماً ضد هذه الظاهرة الشيطانية المنكرة. ولعل حمل السلاح أحياناً تنديد بالظلم وغياب العدل, مما يجعل المظلوم الأحمق يلوذ بالسلاح ويركن إلى قوته وليس لعدل الدولة!. أما القات فهو الرذيلة القبيحة التي تسم اليمنيين بسمة البدائية والحيوانية والجنون، فالعادة (القاتية) دليل على أن لا قوامة للدولة, وأنه لو كانت هناك دولة لمنعت القات؛ كونه ضرراً بإجماع (المخزنين)!! وقد اتضح أن كثيراً من المسؤولين لديهم مزارع قات.. وكان نظام الشطر الجنوبي قبل الوحدة قد أحلّ القات يوماً في الأسبوع، أما الاستعمار الإنجليزي فقد حرم أن يدخل القات عدن وأحل القات خارجها, فمن يرد أن يمارس هذه العادة الضارة فإن عليه أن يذهب إلى لحج، ويتخلص من القات في (دار سعد) وهكذا. لقد اقترحت في مقالة سابقة إلغاء وزارة الزراعة؛ لأنها تستهلك مليارات ولا تقدم لليمن فائدة؛ فلا خبراء زراعيون إرشاديون، ولا سياسة زراعية، وليست لها سلطة تذكر على توجيه المحاصيل الزراعية وتسويقها، مثلها مثل وزارة الأوقاف التي لا تعلم كمية الأرض الموقوفة ولا تستطيع محاسبة اللاعبين بأراضي الوقف ولا.. ولا.. ولا. أما الأمية فهي الطامة الكبرى، ولقد فزعت أن الإحصائية تثبت أن أكثر من نصف الشعب اليمني أميون, في الريف والحضر, وقد كانت سياسة الحزب الاشتراكي اليمني موفقة حينما بدأت تغزو الأمية في عقر دارها في البادية, بالرغم من الصراعات التي كانت تحدث بين الحين والآخر بين الرفاق.