قبل عام ونصف, أصبت بكسر في ترقوتي, فذهبت مع صديق إلى مشفى عظام بمدينة (...) قابلت مدير المشفى الذي استقبلني بحفاوة - باركه الله- ودار بيننا الحوار الآتي: - أنت تكتب بالجمهورية؟ - نعم. - أهلاً وسهلاً. - مرحباً.. ممكن تعطيني فكرة عن علاجي يا دكتور؟ - أمرك بسيط.. الطبيب الروسي مختص بالعظام.. فإذا ما رأى أن ترقوتك انكسرت فعلاً, فإنه سيقوم «بخزق» الكتف ب«الدريل Drill» وسيربط محل «الأكسار» بالحديد. - ألا يوجد حل آخر غير«الدريل» و«الخزق» والربط ب«الحديد»؟ - لا أظن, ولن يكون هناك أي ألم؛ لأننا سنقوم بتخديرك, بس إن شاء الله يستجيب جسمك للتخدير؛ لأن بعضهم يفيقون أثناء«الخزق», لم أدعه يتم الجملة.. لم أغادر العيادة, وإنما هربت منها, وتبعني صاحبي يهرول, فلما حكيت له الحوار, قال لي: هذا الدكتور يشتي تربية, ما رأيك نرجع له؟.. ولا بأس أن أذكر مشابهاً لهذه القصة.. قبل شهرين شكوت من عصب في الظهر آلمني كثيراً, وصفوا لي مشفى محترماً في المدينة.. ذهبت, كنت محل ترحيب وحفاوة من الدكاترة؛ لأن كل دكتور قرر فحصاً وأرسلني للآخر. وأعلم القارئ العزيز أن الفاصل بين دكتور وآخر هو العلاج, وأنا كالعادة حسن الظن بالقضاة والأطباء بخاصة, أسارع باستعمال العلاج, وإن كانت حقن «الوريد» مزعجة, يومياً, وكل طبيب كريم معي جداً.. المهم شهر والألم يتضاعف أخذني صديقي«لمصعبين» في عدن, أخوه غير موجود, فتدرب الصغير علي جهده, وقفلنا إلى تعز وفي المقيل نصح لي زملاء المقيل بالإجماع إلى أن أذهب إلى الطبيب الشعبي في السوق المركزي قيل لي إنه بالنيابة, وبسرعة البرق خطر لي خاطر أن ذهابه للنيابة قد يكون بسبب كسر عمود فقري لمريض أو أن مريضاً قد مات بسبب وصفه له جرعة طبية, قال لي ولده: إن أخي في مكان مجاور يعالج, ذهبت إليه وسمعت ابن الوز, الذي لم يكن عواماً يقول لمريضه الذي يعاني من كسر: نسيت أن أعمل لك مخدراً ومن أجل هذا تشعر بالألم.. فهربت.