ضوء غامض يشعل سماء عدن: حيرة وتكهنات وسط السكان    العدالة تنتصر: قاتل حنين البكري أمام بوابة الإعدام..تعرف على مراحل التنفيذ    أتالانتا يكتب التاريخ ويحجز مكانه في نهائي الدوري الأوروبي!    الدوري الاوروبي ... نهائي مرتقب بين ليفركوزن وأتالانتا    متصلة ابنها كان يغش في الاختبارات والآن يرفض الوظيفة بالشهادة .. ماذا يفعل؟ ..شاهد شيخ يجيب    في اليوم 216 لحرب الإبادة على غزة.. 34904 شهيدا وأكثر من 78514 جريحا والمفاوضات تتوقف    قوة عسكرية جديدة تثير الرعب لدى الحوثيين وتدخل معركة التحرير    لا وقت للانتظار: كاتب صحفي يكشف متطلبات النصر على الحوثيين    الحوثي يدعو لتعويض طلاب المدارس ب "درجات إضافية"... خطوة تثير جدلا واسعا    مراكز مليشيا الحوثي.. معسكرات لإفساد الفطرة    استهداف الاقتصاد الوطني.. نهج حوثي للمتاجرة بأوجاع اليمنيين    ولد عام 1949    الفجر الجديد والنصر وشعب حضرموت والشروق لحسم ال3 الصاعدين ؟    فرصة ضائعة وإشارة سيئة.. خيبة أمل مريرة لضعف استجابة المانحين لليمن    منظمة الشهيد جار الله عمر تعقد اجتماعاً مع هيئة رئاسة الرقابة الحزبية العليا    هموم ومعاناة وحرب خدمات واستهداف ممنهج .. #عدن جرح #الجنوب النازف !    بلد لا تشير إليه البواصل مميز    باذيب يتفقد سير العمل بالمؤسسة العامة للاتصالات ومشروع عدن نت مميز    أمين عام حزب الشعب يثمن موقف الصين الداعم للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة مميز    دواء السرطان في عدن... العلاج الفاخر للأغنياء والموت المحتم للفقراء ومجاناً في عدن    بعثات دبلوماسية تدرس إستئناف عملها من عدن مميز    لعنة الديزل.. تطارد المحطة القطرية    منذ أكثر من 70 عاما وأمريكا تقوم باغتيال علماء الذرة المصريين    الخارجية الأميركية: خيارات الرد على الحوثيين تتضمن عقوبات    رئيس مجلس القيادة يكرّم المناضل محمد قحطان بوسام 26 سبتمبر من الدرجة الأولى    تضرر أكثر من 32 ألف شخص جراء الصراع والكوارث المناخية منذ بداية العام الجاري في اليمن    المحكمة العليا تقر الحكم بإعدام قاتل الطفلة حنين البكري بعدن    اعتدنا خبر وفاته.. موسيقار شهير يكشف عن الوضع الصحي للزعيم ''عادل إمام''    الأسطورة تيدي رينير يتقدم قائمة زاخرة بالنجوم في "مونديال الجودو – أبوظبي 2024"    تصرف مثير من ''أصالة'' يشعل وسائل الإعلام.. وتكهنات حول مصير علاقتها بزوجها    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل بوزارة الخارجية وشؤون المغتربين    "صحة غزة": ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و904 منذ 7 أكتوبر    وفاة الشيخ ''آل نهيان'' وإعلان لديوان الرئاسة الإماراتي    الدين العالمي يسجل مستوى تاريخيا عند 315 تريليون دولار    امتحانات الثانوية في إب.. عنوان لتدمير التعليم وموسم للجبايات الحوثية    5 دول أوروبية تتجه للاعتراف بدولة فلسطين    ريال مدريد يقلب الطاولة على بايرن ميونخ ويواجه دورتموند في نهائي دوري أبطال أوروبا    أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية اليوم الخميس    تصاعد الخلافات بين جماعة الحوثي وحزب المؤتمر والأخير يرفض التراجع عن هذا الاشتراط !    بعد وصوله اليوم بتأشيرة زيارة ... وافد يقتل والده داخل سكنه في مكة    جريمة مروعة تهز مركز امتحاني في تعز: طالبتان تصابا برصاص مسلحين!    قصر معاشيق على موعد مع كارثة ثقافية: أكاديمي يهدد بإحراق كتبه    دوري ابطال اوروبا .. الريال إلى النهائي لمواجهة دورتموند    مدير عام تنمية الشباب يلتقي مؤسسة مظلة    لماذا تقمع الحكومة الأمريكية مظاهرات الطلبة ضد إسرائيل؟    استشهاد وإصابة 160 فلسطينيا جراء قصف مكثف على رفح خلال 24 ساعة    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    صفات أهل الله وخاصته.. تعرف عليها عسى أن تكون منهم    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    البدعة و الترفيه    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المثقف المعوق
نشر في الجمهورية يوم 25 - 08 - 2012

شكلت الوحدة اليمنية في 22مايو 1990م إرهاصت منعطف فكري، كانت تبشر ببداية نهضة تحرر الشعب اليمني من حال التخلف والركود التي يعيشها ، خاصة أن حلم المثقفين بالوحدة أصبح حقيقة إلا أن هشاشة المثقف أعاقت مشروع الوحدة بسبب عدم وجود ناظم مشترك على المستوى الوطني، وكذلك عدم القدرة على التمييز مابين الوحدة كإطار جغرافي والصراع السياسي كتاريخ ونحن عندما نتحدث عن المثقف دون غيره بوصفه يقترح بدائل اجتماعية تحقق مجتمعاً ديمقراطياً.
ولست بحاجة للقول: إننا افتقدنا المثقف الناقد وأصبحنا أمام المثقف السلطوي ولانعني بالمثقف السلطوي هنا المرتبط بالسلطة، وإنما المثقف الذي يعيق المستقبل وهذا ماحصل لدى المثقف اليمني الذي زعم أنه يقود الثورة أو ينظّر لها، لكنه خرج علينا بعد ما يقرب من العامين ليقول لنا: إن القوى التقليدية سرقت الثورة .. بمعنى أن هذا المثقف مثقف عدمي غير قادر على قراءة الواقع ولايمتلك مشروعاً .. ساعد القوى التقليدية على تدمير مشروع الدولة التي كانت قد بدأت تتشكل.
قبل الوحدة كان المثقف موحداً ويحمل مشروعاً ناظل من أجله واستطاع أن يوحد بين أخلاقية المعرفة والهواجس السياسية وكان يسعى من أجل إقصاء ظاهرة "الرعية" أو ذلك الجمع من البشر الذي يعرف الواجبات ولايعرف الحقوق لكنه اليوم سلم المجتمع للقوى التقليدية وقبل بتدخل القوى الخارجية في شئون بلاده، ومن المؤسف أن المثقف القومي والأممي الذي كان ينشد توحيد المجتمع ومجانسته الثقافية أصبح اليوم يدعو إلى خيارات مناطقية وإلى كيانات صغيرة، ولا أجافي الحقيقة إذا قلت: إن المثقف اليمني ولد مشوه الفكرة، لذلك لم يكن قادراً خلال الأزمة التي مرت بها البلاد على ممارسة دوره كقوة قائدة ومهيمنة لأنه لم يكن موحداً في علاقته بالماضي والمستقبل معاً .. لم يكن المثقف اليمني سوى شخص يسعى إلى تأمين حوائجه اليومية، لذلك لم يستطع الدفاع عن الخير والقيم الأزلية، كما أنه لم يستطع الالتزام بنصرة الحقيقة.
لقد اتكأ المثقف اليمني على مواجهة الوحدة وليس على مواجهة ظلام السلطة.. لايوجد مثقف إلا وهو يتكلم عن القضية الجنوبية موجهاً سهامه للوحدة بدلاً من الحديث عن حقوق الضعفاء في العلم والخبز والحرية .. إننا أمام مثقف يحمل داخله عوامل سقوطه لأنه لم يركن إلى العقل والعقلاء في السياسة.. أستطيع القول إن المثقف اليمني كان معوقاً ثقافة وسياسةً، لذلك فهو يطارد شرعية زائفة ويعبث بالبديهيات الوطنية.. حينما انتقل من الثورية النظرية إلى ثورية الشوارع رفض الاختلاف ورفعه إلى مستوى الرذيلة، وحوّل النقد إلى خيانة وتحول إلى امتداد إعلاني للقوى الدينية والقبلية ورفع سلبية علي عبدالله صالح، وهي قليلة، وتخلى عن إيجابياته وهي كثيرة، ومهما يكن السلب الذي انطوت عليه تجربة صالح، فقد مثلت في مجال التعددية المحاولة العربية الديمقراطية الأكثر ارتقاءً ونبلاً. صحيح أن فترة علي عبدالله صالح ساوت بين الكفاءة العلمية والموالاة السياسية، لكن القوى المنادية بالتغيير هي نفس القوى الرافضة للمواطنة المتساوية والرافضة للعدالة والتحديث. وإذا أردنا الدقة فإن المثقف اليمني قد قَبِل الانتقال من مركز فاعل، يوزع صوته اجتماعياً في عهد علي عبدالله صالح إلى هامش قلق يقبل بأقساط من دعاوى المثقف ويرفض ما تبقى .. صحيح أن المثقف تمرد على واقع اجتماعي يعيد إنتاج ثنائية المعرفة والسلطة، لكنه استبدل ذلك بثنائية الجهل والخضوع.
هرب من الاستبداد السياسي إلى الاستبداد الديني الذي أعلنه الزنداني صراحةً برفضه للدولة المدنية ودعوته لقيام دولة الخلافة .. لقد انطلق المثقف اليمني من مقولات نظرية مدفوعاً بغيرة وطنية خالصة، وهذا ساعد على تقويض مشروعه .. لقد حجبت العمومية النظرية التي هي انعكاس لفكر رومانسي متفائل وقائع المجتمع المعيشي بعموميات الحرية والعدالة مبتعدةً عن الشروط الموضوعية التي تنتج الوعي الوطني والوعي الوحدوي.. لم يدرك هؤلاء المثقفون أن السياسة تشتق من الفرد الحر المستقل، والفرد يشتق من الفضاء السياسي المجتمعي، الذي يكوّن الديمقراطية المجتمعية وتتكوّن به، ومن هنا نكون أمام فرد يعرف ما يقبل ويعرف ما يرفض .. إن خطاب هؤلاء المثقفين لم يكن سوى إعادة احتكار السلطة والمعرفة ومواجهة الإقصاء بإقصاء أكبر منه وجعل الخطاب الثوري قواماً على الواقع.
من المحقق أن هؤلاء المثقفين ومن ورائهم أحزابهم السياسية لم يذهبوا بشكل واع إلى الأخطاء التي وقعوا فيها.. لقد خلطوا بين الإمكانيات الفعلية والإمكانيات المجردة، خاصة أن هؤلاء رفضوا الحوار واعتبروه يعوق الطريق إلى الثورة الموعودة.
أخيراً يمكننا القول: إن المثقف اليمني لم يكن سوى مرآة فقيرة تعكس ما خارجها ولا تعكس من إمكانيات المثقف المعرفية .. والمؤسف ان المثقف اليمني ظل مثقفاً أيديولوجياً على الرغم من التحولات العالمية التي وضعت الأيديولوجيا جانباً.. نحتاج إلى مثقف يناقش كل قضايا المجتمع في ظل الوحدة ولا يتنكر لها أو يفرط فيها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.