يلاحظ أن الارتباط بين كثير من الموظفين وبين وظائفهم وخاصة في اليمن – ارتباط واهٍ – ليس فيه حميميه ، إلى درجة أن الوظيفه التي يتبوأها الموظف كعلاقة عابرة لاتلبث أن تفقد الانسجام والتماهي والتحليق الدافىء الجميل في مدارات المعشوق المفترض – الوظيفة- التي بالضروره ترتبط بحياة الموظف – العاشق – مدى الحياة في الغالب . وقليل من الموظفين هم الذين يتماهون عشقاً مع الوظيفة – فتكون نتائج هذا التماهي إنجازات أروع في أوقات أقل ..... ولا بد هنا من تسليط الضوء على أحد هؤلاء العشاق علَّ هذا التسليط يحفز كائنات العشق لدى الجامدين عاطفياً في علاقتهم بالوظيفة فتتحرك – فتذوق وتذيق الآخرين حلاوة هذا الارتباط الحميم بين العاشق والمعشوق عبد القادر هلال – أمين العاصمة بكارزميته المثخنة بالتطلع – وابتكار الحلول ، والقفز على الاحباطات ، والدوران حتى التوهج في مدارات النسج الجميل للدهشة . ورغم قصر الفترة منذ تعيينه حتى كتابة هذه الخواطر – فقد استطاع أن يرسخ هذه العلاقة بين الموظف والوظيفة – ويرتقي بها إلى مدارات الإبداع ... فقد تسلم المنصب – والعاصمة – ترزح تحت وطأة القاذورات مثقلة بالحفر والمطبات إلى درجة أن السير في بعض شوارعها وساحاتها وأزقتها أمر محفوف بالمخاطر . جبال من القمامة ، أسراب مهولة من الذباب والحشرات ، خنق رهيب لكل رئة في المدينة بالبسطات ومخلفات الباعة والجيف . ومنذ أول أيامه فقد عمل على حشد كل الطاقات البشرية والمادية بدءاً من حل معضلة المعضلات في تثبيت عمال النظافة ثم الجلوس مع كل ذي علاقة بأمر الأمانة – وسماع الرؤى وبلورة الأفكار بالخطط العلمية الكبيرة للقفز بالعاصمة من هذا الواقع المزري والنزول بالفعل الخلاق إلى الأرض بالجهد الدائم المتجدد الحاشد لكل طاقات الدولة والمجتمع . ليس في جانب النظافة إزالة المخلفات فحسب بل في السعي الدائب لاستنبات عاصمة تليق باسمها وباليمن من حيث الفهم الخلاق للوظيفة الجمالية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية لعاصمة تاريخية كصنعاء في مجال الحدائق والمتنزهات والجزر والساحات الخضراء والانسيابية المرورية و..و كل ذلك وغيره محاور واستراتيجيات يتسارع إيقاع التخطيط لها ، والشروع في تنفيذها على أرض الواقع وذلك ما لمسناه من خلال تتبعنا لفعاليات الأمانة المتعددة والهدير الأفقي والرأسي المتسارع لإحداث هذا التغيير الجذري ليس فقط في تفاصيل المدينة بل في دور المجتمع المدني في هذا التغيير ، وفي المفاهيم للعلاقة المجتمعية بمهام الأمانة وجعل المجتمع شريكاً فاعلاً وناسجاً أساسياً وراسماً رئيساً للوحة الأروع للعاصمة المتوخاة – العصمة المجد والالق الذي لايعتريه الأفول . لا نريد أن نخوض في التفاصيل الدقيقة التي لا نشك أنها غائبة عن ذهنية هلال – مثل جسور المشاة أمام بعض المدارس والمشافي والمساجد وإشاعة الرئات الخضراء في الأحياء ( المقاشم ) واستغلال التلال والجبال المحيطة بصنعاء وعسكرتها بالشاليهات والمتنزهات - لا بالدبابات والقذائف وإخراج الكسارات والورش ذات المخلفات الضارة إلى أماكن بعيدة مجهزة ببنى تحتية كالمياه والكهرباء والطرقات .. وغير ذلك مما كانت العاصمة تعانيه من حالة الأنيميا المزمنة .. وعود على بدء – فبدون هذا العشق الذي يجعل الموظف متيماً بوظيفته لا يمكن أن تغادرنا الرتابة والإحباط بل والانكسارات الكبيرة سواء على مستوى الوطن المجتمع أو حتى على المستوى الشخصي وعلى القيم التراكمية للسلوكيات . فهل آن أن نطلق هذا الكائن جامحاً في وعينا لننطلق حراكاً دافقاً وانهماراً عارماً في ميادين الخلق ونلمس لذة وروعة هذا العشق الرخيم ....