هيبة الدولة وسلطانها إرادة كلية لا يمكن التنازل عنها لأنها أساس بقاء وديمومة الدولة، ولذلك فإن مفهوم السيادة الوطنية مفهوم عام وشامل ومطلق ويمتلكها الشعب ويفوضها لرأس الدولة، وعندما تحدث المفكرون عن مفهوم السيادة لم يختلف اثنان على الأهمية المطلقة لمفهوم السيادة باعتبارها العلامة الفارقة في قوة الدولة وقدرتها على الحركة. لقد أشار المفكرون السياسيون إلى موضوع التفويض لرئيس الدولة، ومن يمتلك السيادة هو الشعب وهذا محل إجماع في تاريخ الفكر السياسي القديم والمعاصر، لأن السيادة مصدر قوة الدولة وهي غير قابلة للتجزئة أو التقسيم، ولا يستطيع الأفراد أو المؤسسات ممارسة صورة واحدة من صور السيادة إلا بتفويض من الشعب، ويأتي تفويض الشعب عبر وسيلة واحدة هي الانتخاب الحر المباشر لمن يباشر السيادة، وهذا التفويض ليس مطلقاً ولا نهائياً، بل تفويض مقيد بشرط الالتزام بالثوابت الوطنية والدينية والإنسانية، وقد صاغ الشعب تلك الثوابت في النصوص الدستورية التي أصبحت المهيمن المطلق الذي ينظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم وبات الدستور القاسم المشترك والمرجعية التي ضمنت الحقوق والواجبات وحددت الضوابط العقابية لمن يتجاوز الثوابت التي صاغها الشعب وأجمع عليها. إن مفهوم السيادة يتعلق بقدرة الدولة على فرض هيبتها وسلطاتها على جميع المكونات الجغرافية والمكونات البشرية لإقليم الدولة وهذه السيادة لا يعلوها سيادة أخرى على الإطلاق، وقوة السيادة من قوة الشعب والشعب يستمد قوته من الله سبحانه وتعالى من خلال الاعتصام بحبله المتين، والشعب المؤمن بالله لا يقهره شيء في الكون مهما كان جبروته وسلطانه ما دام هدفه الاستعباد والتعدي على حدود الله. إن تجارب الحياة قد علمت اليمنيين الكثير من أمور الحياة السياسية، وجعلت اليمنيين شديدي الإيمان بالله رب العالمين، ورغم جسامة الأحداث الكارثية التي مرت على اليمن واليمنيين التي أحدثت هزات عنيفة في مختلف مناحي الحياة إلا أن إيمانهم بالله رب العالمين لم يتغير ولم يتبدل وهذا هو سر بقائهم أقوياء وعظماء لأنهم يستمدون القوة والعظمة من الله سبحانه وتعالى، ولذلك فإن سيادتهم أقوى من التحديات والعالم يدرك أن سيادة اليمن إرادة شعبية قوية تستمد قوتها من الإرادة الإلهية وكل من حاول النيل منها احترق بإذن الله.