في مقالٍ سابقٍ تحت عنوان “مؤتمرُ الحوارِ الوطني” بين التفاؤل وعقدة الماضي ، قلتُ : إنّه غيرُ “مؤتمراتِ حوارٍ” شَهِدَتهَا اليمن ، أثناءَ التشطير وبعدَ الوحدة ، وفيه قلتُ : إنَّ ما يميزه ' أن الكلَّ – بالإضافة إلى شركاءَ إقليميين ودوليين – يشارك ، بطريقة مباشرة أو غيرِ مباشرة ، في التحضير والاستعداد له' والكل يراهن على مخرجاتٍ ونتائجَ له ، تُمَكّنُ اليمنيين من حل مشاكلهم وقضاياهُم ، طالما عانَوا منها الكثير ، ويُمكّنهم من “التحول والتغيير” والانتقال إلى “الدولة الجديدة” . فمؤتمر الحوار الوطني ، مكوِّنٌ رئيسٌ في “المبادرة الخليجية” وآلياتها التنفيذية المُزَمَّنَة ، ويحققُ “مجموعةَ” أهداف في آن واحد ، أهدافَ “الثورة” و أهدافَ “التسويةِ السياسية” . “ مؤتمرُ الحوار الوطني “ القادم فرضَته ، متغيراتٌ ومبررات ، حيث نتائج “حرب صيف 1994م” ، “وحروب صعدة السِتَّة” ، وما أفرَزَت من قضايا تهدِّد وحدةَ اليمن ،ورفض إزالة”آثارها” ، وسيطرت مراكزُ قوىً تقليدية على السلطة والثروة ، وفرضِ “نظامٍ إداريٍّ وسياسيّ” لا يتلاءم “والمرحلةَ الجديدة” بأبعادها ،المختلفة ، و اختلالات في مجالات : الأمن ، الإدارة ، الاقتصاد ، السياسة والفساد ، و شخصنةِ الدولة ومؤسّسَاتها ، وبالتالي “التطلع” إلى “دولة عصرية” ومؤسسات دولة تستوعب مكونات الدولتين بعد الوحدة ، و“نظام تعددي ديمقراطي” ،يفضي إلى“التداول السلمي للسلطة”. مبررات ومتغيرات “مُحَفِّزَة”، هيَّئَت “المجتمعَ اليمني” بمكوناته المختلفة ، لرفض هكذا ممارسات ،والتطلع إلى “الجديد” فكان مع “ مجتمعات عربية أخرى” في إطار “ثَوَرات الربيع العربي” ومع “التسوية السياسية” في إطار “المبادرة الخليجية” وآلياتها التنفيذية المُزَمَّنَة ، أحد مكوناتها الرئيسة “مؤتمر الحوار الوطني” كمسارٍ مُكَمِّلٍ لمسارِ “الثورة” في “التحول والتغيير” والانتقال الكامل للسلطة . و لكنه تفاؤل “لا يكفي” في إطار تحركات وإجراءات وقرارات ، نريدها “مكتملة” ، تقوم بها أطراف وجهات “معنية” بالتحضير والاستعداد له . رئيس الدولة ، رئيس الحكومة ، و وزراء “معنيون” ، في خطوات وإجراءات وقرارات نعتبرها تمهيدية ' في إطار هيكلة الجيش والأمن ، وضمن عمل سياسي' تم فيه تشكيل لجنة الاتصال والتواصل ، وتشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر ، لقاءات متكررة بالمكونات السياسية والشبابية ، وممثلي الدول الراعية ، وممثل الأممالمتحدة ، مستشار الأمين العام ، ورؤساء و أعضاء المؤسسات التشريعية ، التنفيذية ، والقضائية و مؤسسات و منظمات أخرى . المبعوث الأممي ، مستشار الأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة ، يؤكّد على “أهَميّة” “مؤتمر الحوار الوطني” في تحقيق الانتقال الكامل للسلطة ،و الانتقال إلى “دولة جديدة” تستوعب الأطراف في الثروة و السلطة ، في الشمال وفي الجنوب ، وفي كل زيارة له ، يجري لقاءات مع مسئولي الدولة ، والأطراف المعنية ،ومكونات شبابية فاعلة في الساحات ، ويقوم بتقييم مستوى تنفيذ بنود “المبادرة الخليجية” وقرارات مجلس الأمن ، ورصد وتحديد الأطراف مع وضد ، فهو “على دراية كاملة” . “نقصد” أن ممثلَ منظمة الأممِالمتحدةِ، مستشار الأمين العام، لعب دوراً رئيساً في تقريب أطراف “الصراع” ، إلى “تسوية سياسية” ، ضمن”المبادرة الخليجية” وقرارات “مجلس الأمن الدولي” ،كعملٍ سياسيٍّ مكمِّل لعملٍ “ثوريٍّ” أراده الشباب اليمني ، “أداة” ،”التحول والتغيير” ، والانتقال إلى”الدولة المدنية الحديثة” ، والكل “يعلِّق” على “بن عمر” آمالاً في “إنجاح” “مؤتمر الحوار الوطني” ، فهو “ممثلٌ” دوليٌّ ، لمنظمات دولية ... منظمات “معنية” بالأمن والاستقرار الدوليَّين، من مكانته لعب دوراً في “التسوية السياسية” والتوقيع على “المبادرة الخليجية” و نتمنى أن تكون كذلك في إنجاح المؤتمر ، ومن مكانته يستطع أن يضع المنظمات الدولية فيما يجري في اليمن وتحديد مستوى أداء الأطراف فيما يخص تنفيذ “المبادرة” وتحديد الطرف” المُعَرقِل” . فالدور الذي يقوم به “جمال بن عمر” هو في الأخير دورٌ لمنظمة الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي ، وهما المنظمتان المعنيتان بالإنتقال الكامل للسلطة، و الانتقال إلى “الدولة المدنية الحديثة” ، طالما والقضية اليمنية منظورة أمام مجلس الأمن الدولي و في ملف الأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة . اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار، ممثلَةً في الناطق الرسمي لها ،”أمل الباشا” في لقاءات صحفية لها تحدثت ،أن اللجنة أنجزت مهامّاً أُوكِلَت إليها ضمن قرار تشكيل اللجنة ، منها : توزيع مهام اللجنة بين أعضائها ، الاتفاق على “مفردات” ذات علاقة ب”القضية الجنوبية” ، و”قضية صعدة” تم تقديمها إلى “رئيس الدولة” من شأنها تهيئة الأجواء السياسي والأمنية وقالت : إنهم اتفقوا وحددوا عشرةَ مواضيعَ للنقاش ، وتناولت وسائلُ إعلامية، عن إضافة مفردات جديدة إلى قائمة المواضيع يتم الحوار حولها في” مؤتمر الحوار الوطني”. تفاؤل “لا يكفي” إذا ما أخذنا في الاعتبار الوضع الأمني ،العسكري والسياسي القائم على “مراضاة الأطراف” ، حتى وإن خرجت” الجماهير” في مظاهرات تطالب رئيس الدولة في “إصلاحه” ضمن قرارات شجاعة، يستمد مشروعية إصدارها من “إرادة شعبية” وتأييد إقليمي ودولي، فما تم عملُه و إنجازُه حتى الآن يبقى في منطقة بعيدة عن “فكرة “التحول و التغيير و تُمكن أطرافاً سياسيةً، عسكرية و قبليةً من خلق تحديات و عقبات لمواجهة الانتقال السلمي للسلطة. معطيات تعزِّز من موقف و مسئولية الرئيس “هادي” تجعله في أمر من اتخاذ خطوات و إجراءات تمهيدية' - بمساندة و معاونة الشركاء الإقليميين و الدوليين- فالوضع يتطلب، اختيار و تعيين قادة عسكريين و أمنيين وفق معايير علمية ومفاضلة؛ ليحلوُا محل قادة عسكريين و أمنيين قضوا سنوات في الخدمة و يُنظَرُ إليهم على أنهم ضمن قوىً معرقِلة للتحول و التغيير و الانتقال السلمي للسلطة , ويتطلب إيجاد آلية عسكرية و أمنية ' في إطار هيكلة الجيش و الأمن ' تمكن وزارتي الدفاع و الداخلية من إدارة و قيادة الوحدات العسكرية و الأمنية و إعادة تموضعها في مناطقَ خارجَ العاصمة “ صنعاء “وعواصم المحافظات، و رفع المظاهر المسلحة و ما يُسَمَّى ب “ النقاط العسكرية” لتَحِلَّ محلَّها قوىً أمنية ' و للضرورة ' ضِمنَ خُطّةٍ أمنيةٍ واقعيَّة . و للغرض نفسِه ' و كونَ الأطراف الموقِّعة على المبادرة الخليجية و آليَّاتها التنفيذية المُزَمَّنَة و حكومةَ الوفاق ' تَتَصَدَّر إنجازَ عملٍ أُوكِلَ إليها ' ضمنَ “ تسويةٍ سياسيةٍ “ مُكَمِّلة لعمل “ثَوريّ” و في ظل رقابة إقليمية و دولية ' – و قبل الذهاب إلى طاولة الحوار الوطني- فإنَّ على هذه الأطراف توحيدَ موقفِها من مواضيعَ رئيسة ' الاختلافُ حولَها يهدِّد الوحدة و يهدِّد الأمن و الاستقرار في البلد ' و بالتالي الفشلَ في إنجاز المهمة ' فمن الضروري الاتفاقُ على ' “شكل الدولة” الذي يحافظ على الوحدة ' و “النظام السياسي” الذي يفضي إلى التداول السلمي للسلطة ' و “الآلية “ القادرة على تشكيل هيئات الحكم ' على المستويات، المحلية، الإقليمية، والفدرالية' و انتخاب و اختيار و تعيين مسئوليها، بمعنى ضرورة توحيد “الرُّؤيَا” تجاهَ مواضيعَ هي في الأساس تمثل قاسماً مشتركاً' ونجح للأطراف ولا يمكن القفزُ عليها ' ويتوقف عليها نجاح المؤتمر. فالمرحلة تتطلب فعاليات وأنشطة مكثفة تمهيدية، تتبناها منظمات المجتمع المدني، والأحزاب والحكومة، في إطار التحضير والاستعداد للمؤتمر.