يوصف أصحاب الطبائع المائية بأنهم نسبيون مرنون، وقادرون على التماهي الإيجابي مع مختلف الطبائع البشرية، فالماء بطبيعته سبب لازدهار الأرض، وبدونه لا حياة للتراب. كما أن الماء قابل لتحولات لا متناهية، فالماء يتحوّل إلى هواء، والسحاب شاهدها الأكبر، ولكن هذه السحب سرعان ما تستعيد وهجها الأول حال تكثُّف بخار الماء فيها، فتنزل علينا مطراً غزيراً، وخيراً وفيراً، والماء يتحول إلى ثلج بنتيجة انخفاض درجة الحرارة، فيصبح ذلك الثلج المُجسّد المُتجسِّد دالة للنبع الصافي. يقول ابن الفارض: وما الخلق في التمثال إلا كثلجة وأنت بها الماء الذي هو نابع ومن هنا ندرك مثابة الإنسان المائي القادر على الانسياب في كل الأوعية الحاضنة، لأنه المعادل الموضوعي لمختلف الطبائع. الأمر الذي يجعلنا نعتقد بأن المائيين أكثر الناس مرونة، وأقدرهم على المُمازجة بين الطيبة والنزعة العملية البراغماتية. والمائيون ليسوا طيبين فحسب، بل إنهم المناقضون للناريين، فلا شيء يهزم النار كالماء، ولا شيء قادر على إزالة أعتى الموانع كالماء، ولنا عبرة في قصة السد اليماني العتيد الذي انهار بسبب الماء، ولنا عبرة في عجائب النهر الأصفر بالصين الذي يصفه الصينيون وصفاً يحدد ماهية القوة الحقيقية في الماء الجاري، فيقولون : يمكن للبشر توحيد العالم، ولكن يستحيل عليهم ترويض النهر الأصفر!!. الإنسان المائي قرين الحكمة النابعة من الممكن والمقبول، لا الاستحالي المُعجز، وهو إلى ذلك رديف المرونة غير اللّزجة، والحيوية غير المُتطيِّرة. فتأمل عزيزي القارئ، وانظر في عوالم ذاتك إن كنت مائياً . [email protected]