بالقدر ذاته فقد ناشد الرئيس الدول الكبرى والغنية للاضطلاع بدور إيجابي للدفع بعملية التنمية في البلدان الفقيرة والنامية وإعفائها من الديون وتأهيلها لصنع التغيير المنشود. إنها مواقف ومبادرات قائد يحظى بإجماع وتأييد محلي وإقليمي ودولي، ولا يمكن لأحد أن يجادل بمدى التزامه الوطني والقومي والإنساني. وقد برهن منذ مشاركته الأولى في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة عن قناعاته بأن أي شعب أو أمة إنما تنتمي من الناحية السياسية والاقتصادية والجغرافية إلى هذا العالم, الذي أصبح قرية صغيرة في خضم مسيرة وصيرورة الحركة الحضارية والحياة الإنسانية وتشابك المصالح التي فتحت العالم على بعضه. وفي إطار هذه المرتكزات تناول الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي ما يمثله التواصل والتكامل والعولمة كنتيجة لتحولات تجعل العالم يبدو وكأنه دخل عصراً جديداً, هو عصر الكونية تتحصن بخندقها جميع الشعوب، وتتعاون وتتكامل وتستعيد روحها وحضورها في فلوات هذا العالم وهذا الفضاء الجديد الذي يشكل الحقل الواسع والشامل للتنمية المتكاملة والشاملة. هذه أفكار الرئيس وقناعاته التي عبرت عن قضايا وهموم شعبه وكل الشعوب, وخصوصاً تلك التي ماتزال, ونحن نعيش القرن الواحد والعشرين ترسف تحت أغلال الفقر والتخلف والمرض. اجتماع الأممالمتحدة اختتم فعالياته بتعهدات للعمل على الحد من الفقر ومكافحة عدم المساواة بين الشمال والجنوب وردم الهوة بين الأغنياء والفقراء، ولكن السؤال: هل هذه التعهدات سوف تجد طريقها للتطبيق؟! المشهد الحضاري الإنساني في القرن الحالي كرس روح الهيمنة والسيطرة التي مارسها الغرب بعد مؤتمر فرساي بفرنسا سنة 1919م, لتنظيم الخارطة العالمية. وقد خدع ساسة الغرب العالم كله بعد مؤتمر فرساي, وتكررت اللعبة بعد بيان الاطلنطي سنة 1942م، وتتواصل هذه السياسة ذاتها إلى وضع خارطة دولية جديدة تنظم كيان العالم مستقبلاً. ذات مرة قال الرئيس المكسيكي: لقد نظمت البلدان الصناعية المجاعة في العالم الثالث بالقدر نفسه من المنهجية والروح العلمية اللتين وضعتهما في إنتاج القنبلة النووية. وإن الذي فتت العالم إلى هذا العدد من الدول لم يكن ليفعل ذلك, إلا من أجل أن يبقى الجهاز المركزي لإدارة العالم من جهة الشمال, وهي الجهة التي تستأثر بالخيرات بما في ذلك خيرة أدمغتنا وعقولنا..! وثمة مفارقة لافتة أن قيمة هذه المنظمة تكمن في الضعف الذي ألم بها, بعد انهيار نظام القطبين، كما تكمن في الفراغ الذي أدى إليه غياب التوازن في المرجعيات الدولية. ولهذا فقد أصبحت الحاجة ماسة لتفعيل مهمات ودور الأممالمتحدة ومؤسساتها كضرورة لتقويم الخلل الحاصل في العلاقات الدولية.. لكن أزمة هذه المنظمة كما يبدو لها من العمق ما لم يتصوره البعض بطابعها السياسي وجذورها الضاربة في تربة النظام الدولي الجديد. ومع ذلك فإن اهتمام اجتماع الأمم يرمي لاستعادة الأممالمتحدة لمصداقيتها؛ كونها الوعاء الذي ستخرج منه حلول وتسويات النزاعات الراهنة والمستقبلية. [email protected]