حين ينوي أي أحد التدخل للوساطة بين طرفين أو أكثر بينهم نزاع حول قضايا، أو مشاكل، أو مسائل محددة لابد وأن يحرص أولاً على اكتساب ثقة أطراف النزاع به، وذلك أول شرط جوهري لقبول وساطته والاطمئنان إليه.. من ناحية ثانية يجب أن يكون الوسيط غير منحاز لأحد أطراف النزاع وضد الأطراف الأخرى، أي أن يكون عادلاً، وعلى مسافة واحدة من جميع أطراف النزاع.. هذه الشروط مهمة جداً كي يقبل كوسيط، وكي تقبل مبدئياً مبادرته، في عناوينها الأولى من كل أطراف النزاع، وتحظى بقبول أطراف النزاع الجلوس حول طاولة مستديرة أو مستطيلة للحوار حول المبادرة المقدمة من الوسيط.. أما الوسيط الذي يعلن استعداده للتوسط بين أفرقاء، وفي نفس الإعلان عن استعداده للوساطة يحدد موقفاً معادياً لأحد أطراف النزاع.. فهو وسيط ساذج، بل وبليد.. لأنه أطلق على وساطته ، ومبادرته (رصاص الرحمة) قبل أن تقبل فإعلان الوسيط موقفاً مضاداً لطرف من أطراف النزاع يعني أنه قد انحاز لطرف، وأصبح طرفاً في النزاع، وليس وسيطاً لحل النزاع.. ومثل هذا الوسيط غريب جداً، ولاتدري بماذا تصفه، أو تحكم عليه، وخاصة حين يكون (رئيس دولة)!! الرئيس(مرسي) كان يكفيه أن يقتصر على جزء من موقفه تجاه ما يجري في سوريا.. وهو رفض أي تدخل خارجي في سوريا، ولاداعي لإعلان بقية موقفه.. ويظل محايداً، وينتبه ويكرس نفسه لمعالجة قضايا، ومشاكل شعب مصر.. لكنه مضى في توجيه الاتهامات للدولة السورية، وللرئيس بشار الأسد بقتل الشعب السوري، وعليهم أن يرحلوا.. وكرر ذلك عدة مرات.. في مصر، وفي زيارته للصين دون أي اعتبار للدبلوماسية لأن الصين مع نظام سوريا، وهكذا في إيران أثناء حضوره مؤتمر عدم الانحياز، وهكذا أثناء حضوره اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة السنوي.. فكيف سيكون وسيطاً مقبولاً ثم ألم يفكر أن الدولة السورية طرف في النزاع.. بل تدافع عن شعبها.. فإذا رحلت مع من سيتحاور كوسيط، لمن سيضع مبادرته؟! بل الأسوأ أن يقترح رباعية عربية للنظر في قضية الاضطرابات في سوريا تتكون من مصر، السعودية، تركيا، إيران.. وبالنظر إلى الرباعية العربية.. نرى ثلاث دول معادية للنظام السوري.. ماعدا دولة إيران.. فكيف اعتقد أن سوريا ستقبل هذه الرباعية كوسيط، وثلاثة أرباعها يعادون النظام السوري؟! المفكر الاسلامي (فهمي هويدي) انتقد بشدة الوسيط (مرسي) وقال: إنه لايصلح أن يكون وسيطاً.. وأنا أقول: ياليت مرسي ظل بعيداً عن سوريا، واهتم بالشأن المصري.