اعتقدت خطأ بأن جمعية القابلة في الصلو تنتمي إلى تلك الجمعيات القروية الصغيرة التي اعتدنا مشاهدتها أو السماع عنها .. والتي تحتكر من قبل أسرة أو شلة معينة يجمعها هدف مصلحي واحد.. وهي بهذا تكرس واقع التجزئة القروية والأسرية ولكن وجد أن هذه الجمعية تختلف كثيرا عن مثيلاتها .. عظيمة برسالتها ، وبما تحمله من رؤى ، وبما تتضمنه إستراتيجيتها التنموية لديها إسهامات محدودة في مجالات التنمية المجتمعية ، ولكنها مهمة وحيوية ترتبط بالاحتياجات اليومية المباشرة للناس كونها تتعامل مع مجتمع صغير محدود بإمكانية المادية والبشرية ومع هذا قدمت لهم ما تقدمه جمعيات أكثر اتساعا وتمددا وإمكانية ، وهذا دليل على أن المسؤولين عن الجمعية لديهم رؤى ثاقبة ، وجاذبية اجتماعية ، وقدرة على التأثير والتغيير ، ولديهم مصداقية ولهذا اندمجوا في مجتمعهم المحلي ، واندمج المجتمع المحلي بهم ، وهذا ما جعلهم مسنودين بالإرادة الجماعية ، وأحد مصادر النجاح والتفوق .. فالثقة المتبادلة بينهم وبين أفراد المجتمع مؤشر طيب للنجاح . فهناك ترابط جدلي وعضوي بين الواقع والمجتمع ، وبين المجتمع والجمعيات الاجتماعية والتنموية ، وهذه العملية ضمان نجاح هذه الجمعية التي تتلمس طريقها في ظل هذا الكم من التعقيدات والمحبطات ، فجمعية القابلة تحمل معها رؤية تنموية متقدمة ، فالوظيفة الخيرية لها استخدمت هنا بوعي لخدمة التنمية ، وتحقيق متطلبات المجتمع المحلي من المشاريع الحيوية التي باتت ضرورية ولازمة ، ولكن ينبغي أن يكون هذا التوجه واعيا واستراتيجياً ، يشارك فيه المجتمع بكامل أعضائه ومكوناته الاجتماعية والثقافية والسياسية والفكرية . وينبغي أن يقوم على الإلمام باحتياجات ومتطلبات التطور ، واحتياجات المجتمع في إكسابهم خبرات اجتماعية وصناعية ، وحرفية تميز بها المجتمع المحلي الصلوى عن غيره. حيث حقق وفرة في إنتاج الخيرات والصناعات الحرفية التقليدية التي تميزت بها المجتمعات الإنسانية القديمة . من منطلق نزوعها نحو البقاء والاستمرارية ، ومن هذا المنطلق تقوم بعدد من العمليات الاجتماعية والاقتصادية لإشباع حاجتها في انتاج الخيرات المادية ، وهذه العملية هي الفعل الاجتماعي الواعي الذي ميز الإنسان عن غيرة من الكائنات . فعن طريق هذا الفعل الإنساني الواعي استفاد الإنسان من معطيات الواقع ومن ظروف التنوع الحيوى ، وبالتالي إخضاع وتطويع الواقع لخدمته ،على العكس من الحيوان الذي تتكيف الطبيعة لخدمته حيث يعتمد على كل ما هو جاهز فيها ولهذا يقال بأن الفعل الإنساني هو فعل واع ، ومحكوم بقوانين تطوره. فالطبيعة التي نراها الآن مرت بسلسلة طويلة من التغيرات والأفعال الاجتماعية الواعية ولهذا استطاع الانسان عبر تاريخه الطويل ان يطوع الطبيعة لمصلحته وقد تمكن بوعيه وادراكه ان يحول الطبيعة القاسية الى طبيعة سهلة ذلولة وجميلة ، فالطبيعة وكما نراها خضراء ، وجميلة رائعة والمدرجات الزراعية فيها مبنية باتقان وبطريقة هندسية رائعة تتوفر فيها المقاييس الهندسية والرياضية والعلمية بامتياز فالنظام البيئي القائم تكون عبر آلاف السنوات وينبغي ان نحافظ عليه ونعمل على تطويره ونستمر في بنائه ونعمل على تطوير المجتمعات المحلية وتنظيمها في اطر وجماعات انتاجية صغيرة تضطلع بالتغيير والتطوير وتحقق متطلبات البناء، والطبيعة الصلوية خلابة ومشهورة بانتاج انماط زراعية متعددة رافق ذلك انتاج حرف وصناعات محلية رائعة ولازلت اتذكر ان الصلو وكما اشرت في موضوعي السابق كانت تنتج فائضاً عن حاجتها من المنتجات الزراعية والصناعية وكانت الوحدات الادارية القريبة منها سوقاً يومياً لمنتجاتها ، وهذا يدل على ان الصلو مجتمع حيوي فعال ، فقد تمكن هذا المجتمع من تعميق علاقته بالطبيعة وانسانها بصورة جيدة محققاً بذلك حاجاته الاساسية وبالتالي الوفرة الانتاجية وهذه عملية مهمة وحيوية فقد كان المزارع في هذه المنطقة الجميلة والى وقت قريب جداً يزرع ثلاثة مواسم في العام وفي كل موسم زراعي ينتج اصنافاً زراعية مختلفة.. اذا هناك موروث انساني حضاري لمجتمع هذه المنطقة المدنية وينبغي ان يستمر ويتطور.. فالطبيعة الصلوية اذا ما احسنا التعامل معها وارتبطنا بها عضوياً كفيلة بالوفاء باحتياجات ومتطلبات مجتمعها المحلي وبالتالي تحقيق المتطلبات الضرورية للسكان ، ولهذا ينبغي وكما اسلفنا اعادة النظر في اسلوب ونمط العمل الاجتماعي وربطه بالبيئة واحتياجات المجتمع بحيث يكون قادرا على الوفاء باحتياجات ومتطلبات الحياة اليومية ،، فإن قسوة الحياة ورتابتها تدفعنا للعمل معاً والابداع وانتاج انماط انتاجية جديدة وخلق علاقات اجتماعية تكون اكثر تعبيرا عن واقع اليوم ومتطلبات اللحظة .