متغيران أساسيان في الموقف الروسي تجاه ما يجري في سوريا يستحقان وقفة متأنّية، وقد وردت تلك المتغيرات اللافتة في تصريحات جديدة أدلى بها وزير الخارجية الروسي لافروف، وبالتصادف غير القدري، جاءت تلك التصريحات مترافقة مع زيارة رئيس الوزراء العراقي نور المالكي لموسكو، وعقد صفقة شراء أسلحة روسية ضاربة، بما يزيد عن أربعة مليارات ونصف المليار دولار، وذلك بحسب الأرقام المعلنة من الجانبين، وفي إشارة دالة على تقارب المزاج العراقي الرسمي الراهن تجاه موسكو، مع موقف إيران في علاقتها البراغماتية الاستراتيجية مع روسيا المتطلعة لعودة مظفرة إلى مياه الشرق الأوسط الدافئة، وهو أمر يندرج بالجملة في إطار سحب البساط من تحت أقدام الولاياتالمتحدة في العراق، بما يؤكد نسيجية العلاقة بين بغداد وطهران من جهة، وبينهما وموسكو المتخلّية عن المبادئ الطهرانية السوفيتية من جهة أخرى. في ظل هذه الصفقة المليارية بين موسكو وبغداد، وبالتوازي معها، جاءت تصريحات لافروف الصاعقة لنظام دمشق المحتضر، حيث عبّر وزير الخارجية الروسي عن تفهمه للمقترح التركي الخاص بوجود منطقة عازلة في الأراضي التركية، كما كرر مجدداً، ولكن بلهجة جديدة تؤكد إمكانية التخلّي عن بشار الأسد حيث قال: إن روسيا لا تعتبر بقاء الأسد شرطاً مسبقا لأي تسوية!، وهنا نستطيع الإمساك بالمعنى المباشر لهذه العبارة التي تنطوي على القبول المبدئي بنقل توافقي للسلطة يغيب عنها رأس النظام السوري . التطور الجديد في الموقفين الروسي والعراقي يؤشران لآفاق تسوية إقليمية افتراضية يتم التضحية فيها بالنظام السوري، مقابل حلحلة الموقف الأمريكي الإسرائيلي المتشدد تجاه إيران عبر تضامن روسي مع إيران، يكون ثمنه تخلّي العراقوإيران عن الحليف المنهار في دمشق، فيما تنطوي رسالة الصفقة الكبرى للأسلحة الروسية المتجهة إلى العراق على إشارة ضمنية تحدد موقف المالكي ومن يترافق معه في سلطة بغداد، على أن خيار التحالف مع ايران لم يعد متوارياً وراء غلالات الحديث عن العراق الفدرالي الديمقراطي الليبرالي الذي استوهمته الولاياتالمتحدة على حين غفلة من قوانين الدهر، وأن التتويج الماثل، بإعادة العلاقات الجيوسياسية مع الفتوة الروسية المتجددة، تعني تماماً أن بغداد اختارت السند الروسي الذي يعاضد جارتها المُطاردة بالحصار إيران، وأن على البنتاغون ومن يتربع خلفه من أجهزة سياسية استيعاب الحقيقة الماثلة. الثمن هنا واضح، وسوريا النظام هي المرشحة لتكون ورقة المساومة الكبرى، والأيام القادمة حبلى بالمفاجآت [email protected] .