الفيدرالية ليست حلا ويجب ان لا تكون هي الحل يجب ان تكون فقط الخيار الافضل للبناء والتعايش والتمازج وفقا للاقاليم اليمنية وطبائعها وخصائصها المتنوعة. لو اعادنا تقسيم اقاليم اليمن وفقا للتقارب والتمازج والمؤهلات المكانية والسكانية في كل اقليم وتجاوزنا المنظرين لهذا النوع من انظمة الحكم حيث يشترط ألبرت دايسي شرطين لتشكل الدولة الفدرالية«أولهما هو وجود عدة دول»وثيقة الارتباط ببعضها محليا وتاريخيا وعرقيا أو ما شابه يجعلها قادرة على ان تحمل- في نظر سكانها- هوية وطنية مشتركة. والشرط الثاني هو «الرغبة في الوحدة الوطنية والتصميم على المحافظة على استقلال كل دولة في الإتحاد» فلا يوجد لدينا عدة دول ترغب في هذا الحكم كان لدينا سابقا دولتان فصلتهما عن بعضهما الرجعية والاستعمار وسرعان ما عادا للامر الطبيعي في وحدتهما، وليس هناك ما يسمى رغبة او هوية وطنية لكل اقليم ، وهذه مقترحات قديمة، كلما نحتاجة هو تطويرها في واقعنا الذي نريد صناعته كشعب يتطلع لأرقى صيغة في الحكم ، ولنفترض وجود خمسة او ستة اقاليم متقاربة فيما بينها متمازجة وفيها تقارب في طبائع وخصائص السكان، ومنها علينا تطوير كل اقليم ورفده بخطط ومشاريع نابعة من داخله ومن فكر ابنائه حتى يستطيعوا العمل والاندماج في الحفاظ على قوة وسلامة الدولة الاتحادية واقاليمها بدون تجزيء، وهذا التقسيم الفيدرالي هو ما سينهي النزاعات العنصرية والطبقية والمناطقية والقروية عند البعض لينشغل كل اقليم بالعمل والبناء والتنمية والتطوير ، هذه التقسيمات الجديدة يجب ان تنزع منها الصفة القبلية والصفية الطبقية والمشيخية التي صنعتها الإمامة في اليمن والعمل على بناء اقاليم ديمقراطية قائمة على اساس الانتخاب ولا وجود فيها للمشيخات او السلطنات او ما شباهها من المسميات القديمة التي تتنافى مع هويتنا الجديدة القائمة على البناء والتعاون والمساواة والتنمية. سياسة التعليم الخروج من مرحلة الغباء او التخلف لن يكون الا باعتماد سياسات تعليمية بعيدة المدى من الابتدائية الى الدراسات العليا وهذه تحتاج الى خبراء مناهج والى استدعاء شركات إعداد مناهج تجارية عالمية لتسهم في الإعداد وخاصة في المواد التي لا تتعلق باللغة العربية والتربية الإسلامية ،فهذه تخصصات يمنية وبقية المواد ناخذها كما هي موجودة عندهم في مدارس العالم ،وان نغير لغة التعليم من العربية وحدها الى اللغة الانجليزية وان يتم اعتمادها كلغة اساسية الى جانب العربية من الصف الاول الابتدائي الى الدراسات العليا. التعليم الفني والمهني هو اساس النهضة اذا اردنا المضي في بناء مجتمع منتج ، اذا اردنا نهوضا فلا طريق بدون هذا التعليم اعتماد المناهج الكورية الجنوبية في هذا المجال ودعم هذا النوع من التعليم سيصنع النهضة التي لم نحلم بها من قبل، اخراج التعليم الفني والمهني من الحالة المزرية التي يعيشها اليوم في بلدنا الى واقع اكثر مهنية والبعد عن التعيينات الفارغة ورسم خطة لخمسين سنة قادمة سيحول اليمن الى دولة من دول العالم الاول. إذا اردنا يمناً صناعيا فإن التعليم التقني هو الامثل ولسنا بحاجة الى اغراق البلد بالتخصصات الانسانية والتي ليست سوى كلاما في كلام ولم تنتج لنا اكثر مما انتجه علماء الكلام نحتاج الى توجيه75 % من الطلاب المتخرجين من الثانوية لدراسة التخصصات التقنية و25 % بقية التخصصات ، السعي الى انشاء معاهد وكليات وجامعات تقنية يمنية هي الوسيلة الانجح لخلق جيل تقني يعي متطلبات المراحل القادمة. وفيما يخص الجامعات اننا بحاجة الى جامعات بحثية منتجة وفي هذا المجال هناك دراسات وباحثين يمنيين وكوادر مؤهلة للتنظير في هذه المسالة . مدنية المجتمع قبل مدنية الدولة ان تمدين المجتمع هو من سيمكن للدولة من التمدن وليس العكس لقد جربنا في مطلع التسعينات الديمقراطية عندما كانت منحة من الحاكم للنخبة ولم تكن سوى منافسة بين النخبة والناس غافلين وتم استغلالهم لصالح هذا او ذاك ،الى ان وصلنا الى مرحلة الثورة السلمية فهم الناس معنى الديمقراطية ويطالبون بها كحق شعبي وليس كحق نخبوي، ولذا فإن المدنية يجب ان تكون منطلقها المجتمع وليس الحكومة والنخبة والمنظمات والاحزاب فقط ، ولا سبيل الى ذلك سوى بتمدين القبيلة ، لقد نجحنا كحزب سياسي في كسب ولاء القبيلة اليمنية بدون منازع واقمنا مهرجاناتنا الحزبية في معظم القرى والارياف والجبال والصحاري والسهول اليمنية، وحين انطلقت الثورة مؤذنة بعصر جديد اتت القبائل التي ارتبطت بفهم صحيح للحزبية والعمل المنظم وشاركت في الثورة بل واجزم انها من صنعت الثورة ، في العهد السابق للثورة السلمية ما كانت تسمى بالدولة لم تكن تخشى من احد سوى القبيلة ،فكانت القبيلة ضد الاستبداد وهذا ما اثبتته الثورة السلمية. وكل ما سبق لايكفي فمازلنا بحاجة الى تمدين القبيلة وهذا لن يكون سوى بتوفير الحدود المناسبة من التعليم والمشاريع التي تحتاجها القبيلة اليمنية ،وتوفير فرص العمل وفقا للنظام الفيدرالي الذي يجب ان نسعى اليه لحكم اليمن ،فهو من سيمكن القبيلة من التحول من الوضع البدائي الذي تعيشه الى اليوم الى الوضع المدني ، وبذلك نكون قد ارسينا القواعد للتمدين والتحديث الذي تتطلبه الدولة المدنية التي نريدها ويريدها شعبنا. في السياسة الخارجية ان السياسة الخارجية يجب ان ترتبط بالاقتصاد لا بالعواطف وهذا ما علينا القيام به لاخراج بلدنا من ظلمات الفقر والتخلف والغباء الذي سيطر عليها من الاربعينات الى يومنا هذا، على سياستنا الخارجية ان ترتبط بمصالح شعبنا. علينا اعتماد برنامج احمد تتر اوغلوا الذي استطاع ان ينقل تركيا من دولة لها اعداء ومشكلات خارجية الى دولة صفر مشكلات دولية علينا تصفير العداد ولا مشكلة لنا مع اي دولة في العالم هذه السياسة من ستجلب الاستثمار والسياحة وهما من اهم اهداف التنمية على مستوى الخمسين عاما القادمة. علينا التركيز على الوضع الجغرافي لليمن فهو والعامل السكاني الراس المال الحقيقي للبلد (ارض+ شعب ) هذا الوضع الجغرافي ينقلنا بعيدا عن العالم القديم الذي كان قبل الثورة الى العالم المعاصر، لقد حاولت اليمن ان تكون جزاء من الجزيرة والخليج لكنها فشلت في تحقيق اي تقدم يذكر مما زاد من ضعفها ومعاناة شعبها، ولم تكن عمالتها في دول الخليج الاعمالة بسيطة تتعرض للابتزاز والتضييق والسرقة المنظمة التي سهلتها الدولة هناك عن طريق نظام الكفالة ،فالكفيل على حق في كل الحالات امام القضاء والجهات المسئولة ، ولذا فشلت العمالة اليمنية التقليدية ان تكون ذات شأن يذكر ،فكانت النتائج عكسية على اقتصاد البلد الذي ضل محتاجا الى مثل هكذا عمالة تعمل الكثير ولا تجني سوى القليل من المكاسب التي لا تكاد تكفي العامل وحده ، لذا فالخروج من مازق المطالبة “بخلجنة” اليمن يتطلب وعيا كافيا بأن المستقبل لن يكون مع دول ليست سوى مستهلكة ولديها من المشاكل والتهديدات الديموجرافية والاقليمية ما يكفي لان نبتعد عن المزيد من المشاكل التي لن تنتهي بايران وحدها بل ستتعداها الى الداخل لكل دولة حيث تكثر العمالة الاجنبية وتغرس جذورها في عمق تلك الدول لتحرفها عن مسارها الطبيعي ان كان لها مسار او توجه حقيقي. ونحن هنا لا ندعو للقطيعة بل الى التخفيف من العلاقات وعدم الركون للهبات والاعطيات الفارغة التي لا تسهم سوى بتكريس ما هو موجود عندنا من تخلف وفقر. وهذا يدعونا كحزب لأن ناخذ بيد البلد الذي سنحكمه لنعيش في محيطها الطبيعي والحقيقي والذي عاشته بلدنا منذ القدم، لكننا حاولنا مع موجة القومية العربية وغيرها ان نعيشه لكننا فشلنا في ايجاد دولة حقيقية ، لذا فلزاما علينا ان نخرج من هذه الدوامة التي لا تزيدنا الا تخلفا ،لقد ارتبط اسم بلدنا بذيل القائمة العربية في كل شيء تقريبا. في فترات من الزمان كانت اليمن بشكل او بآخر تتبع سيادة القرار القادم من مصر واستمرت هذه الحالة تقريبا من عهد صلاح الدين الايوبي الى عهد جمال عبد الناصر مع وجود فترات انقطاع ، ونستطيع القول ان من يسلم قيادته لأحد اشقائه فانه لا يحقق نموا يذكر ، وعليه فإن اليمن لا تحتاج الالتفات الى العالم القديم الخليج والعالم العربي القابع في مؤخرتها وانما تحتاج ان تكون جزءاً لا يتجزأ من موقعها الحقيقي اليمن والقرن الافريقي فهذه هي حقيقة موقعنا وعلينا ايجاد سياسات تمكننا من بذل اقصى ما نستطيعه لاستقرار هذه المنطقة وخلق روح من التعاون والانسجام بين شعوبها ،لخلق فرص عمل وتجارة دولية على ضفتيها وهذه تحتاج الى سياسة طويلة المدى و ستنجح بكل تاكيد لأن عوامل مشتركة موجودة بين هذه الشعوب وصلات قديمة وحديثة مازالت موجودة ،علينا ان نقتل الفقر الذي اهلك بلدنا من جراء سياسات التهميش المتعمدة في العالم القديم . اتجاه التجار اليمنيين كان عبر البحر العربي والمحيط الهندي الى الهند واندنوسيا وماليزيا وسنغافورة، وهذا هو الاتجاه الصحيح والمربح والمثمر، لكنه لم يكن منظما والا لكانت اليمن ترتبط بعلاقات وثيقة مع شعوب تلك المنطقة والتي تحوي ملايين اليمنيين المستوطنين هناك وهذا يدعونا ويشجعنا على المضي قدما في تحقيق علاقات تجارية واستثمارية مع شركات تعود ليمنيين اصليين وكذلك التعاون مع حكومات تلك البلدان التي هي في نهضة مستمرة وتبحث عن فرص حقيقية للتعاون مع اليمن عن طريق مؤسساتها التجارية ، لقد كان هناك محاولات بعد الوحدة لشركات سنغافورية وماليزية للعمل بهذا الاتجاه لكن الفساد الحكومي في اليمن اوقفها وجعلها تخسر وتتراجع الى بلدانها. اننا في اليمن بحاجة ماسة الى التخلي عن دور الغبي في العالم القديم فيمن تعني غبي في كامل محيطها الاقليمي والعربي علينا ان نتجه صوب الطريق الطبيعي لليمن وهو يضم اليمن والقرن الافريقي، ويتجه هذا الطريق الذي ياخذنا اليه المحيط الهندي الذي نطل عليه الى دول النمور الآسيوية والهند والصين واندنوسيا، ،علينا الخروج من عباءة مجلس التعاون الخليجي والشقيقة الكبرى، فلسنا بحاجة للهم الموجود والهموم قادمة، اننا في هذه المرحلة من تاريخنا نريد الخروج باليمن برمتها من وجع الرأس والقومية والفقر الذي اطاح بنا عشرات السنين وجيراننا فقط يتفرجون ومنهم من يحزن لأجلنا ،لكنه لا يقدم سوى وآسفاه على اصل العرب ،لا نريد المزيد من الالحان الحزينة بل نريد المزيد من العمل والخطوات التي تخرجنا من دوامة الجزيرة وامنها والامة العربية في خطر وامنها ياتي من اليمن . اليمن اليوم إما ان تعيش او تموت وتسحق تحت اقدام الاغنياء ومحدثي النعمة الذين لا بعد مستقبلي يجمعنا بهم سوى انهم اناس خرجوا من اليمن ولم يعودوا يتذكرون ذلك الا رأس كل مائة عام. نحن لا ندعو للقطيعة مع الجيران والاشقاء بل للانفصال الذهني عن منطقة لم تمنحنا شيئا سوى المساعدات بالايدي المرتعشة ليس علينا لومهم فهم مساكين يملكون فقط صادرات نفطية ولا يملكون مشاريع تنموية لبلدانهم وفاقد الشيء لا يعطيه ، كما ان ارتباطنا الذي ترسخ مع دول عربية على راسها مصر يجب ان يبقى مع الجميع فقط نريد الخروج من مسلسلات الصراع التي تؤثر على تفكير وذهنيات الناس في اليمن فما علاقتنا بنقل مصطلحات الحرب الاعلامية بين اقطاب المدارس المختلفة في مصر وهي مسائل جدلية مقيته لا تقدم سوى الهذيان والهيجان وهذا كله يجب ان نضعه تحت اول بلاطة على مشارف المحيط الهندي وننطلق بحثا عن اقتصاد ينقذ شعبنا ويخرجنا من دائرة الفقر.