التفكير في شكل الدولة لا ينبغي أن يكون عرضياً أو نتيجة لرغبة فرد أو فئة أو حزب أو قبيلة أو مذهب أو جماعة معينة، بل لابد أن يكون التفكير جماعياً باتجاه صناعة الإرادة الكلية، وليس لمجرد عاطفة أو محاكاة أو انتقام أو من أجل أن يقال بأن اتجاهاً ما أحدث تغييراً أو رغبة في الشهرة أو ما إلى ذلك من الرغبات المحدودة التي لا تدرك المعاني والدلالات لشكل الدولة، ولم ترق إلى درجة الفهم العقلاني والاستراتيجي لمفهوم الدولة. إن التفكير بعمق في اختيار شكل الدولة يحتاج إلى دراسة أشكال الدول من موحدة إلى اتحادية حركية إلى غير ذلك من الأشكال التاريخية التي عرفها الفكر السياسي، وينبغي أن يتم التعرف على ظروف نشأة تلك الأشكال، ثم دراسة البيئة الزمانية والمكانية ومعرفة الأسباب الحقيقية التي دفعت باتجاه اختيار شكل دون آخر، وبذلك يصبح لدى المعنيين بالأمر البدائل المتاحة التي تتطابق مع الخصوصية الخاصة لليمن، وأن يكون الهدف الأول والأخير أن تخرج بيمن واحد وموحد وقادر على البقاء والديمومة ويحافظ على وجوده في خارطة العلاقات الدولية ويتحقق فيه الأمن والاستقرار والنهوض التنموي الشامل الذي يغطي كل شبر من تراب الوطن اليمني الواحد. إن الذهاب إلى شكل من أشكال الدول الجاهز وغير المدروس يعني الانتماء والقضاء على إمكانات وقدرات اليمن، الأمر الذي يحقق الرغبة الكلية لأعداء اليمن عبر التاريخ الذي يتمنون زواله من خارطة العالم. ولذلك فإن الحس الثوري الذي ظهر مؤخراً لا يمكن أن يركن عليه في تحديد هذه القضية باعتباره تابعاً ومسيراً وليس مخيراً ومصاباً بالغرور، ولم تكن له نزعة التوحد والقوة المؤازرة والمساندة من أجل الاعتزاز بالموروث الحضاري والإنساني لليمن؛ لأن رغبة الانتقام الذاتية قد غلبت عليه، وحب التسلط قد اتضح، وهوس التقليد والمحاكاة هي المهيمن والمسيطر على ذلك النفس المأزوم، الذي أنكر الماضي بكل إيجابياته وتعلق بالهوى الشيطاني. إن التفكير في القضايا الاستراتيجية للوطن يحتاج إلى العقلانية والموضوعية والنظرة المستقبلية التي تضمن تماسك اليمن وتوحده وأمنه واستقراره وتطوره وازدهاره وإسهاماته في خدمة الإنسانية بروح متجردة من العقد أياً كانت؛ لأن النظرة إلى مستقبل اليمن لا تقبل الذاتية والأنانية والعقد المركبة، بل تحتاج إلى الصفاء الذهني الذي تخلو معه الأحقاد والأهواء والنزوات الشيطانية ليعبر عن الرغبة الجماعية للإرادة الكلية للشعب وبروح تحلق في سماوات الوطن وتعبر عن كل ذرات التراب الوطني لليمن الكبير بإذن الله. رابط المقال على الفيس بوك: http://www.facebook.com/photo.php?fbid=454689407903473&set=a.188622457843504.38279.100000872529833&type=1&theater