أعادت حادثة انفجار مخزن الأسلحة في معسكر السبعين _ قيادة قوات الفرقة الأولى مدرع _ بصنعاء ،مطلب اخراج المعسكرات من المدن وإبعاد الألوية العسكرية المحيطة بالعاصمة صنعاء وبقية مدن الجمهورية الى واجهة المشهد السياسي،فالعاصمة المطوقة بالمدافع والصواريخ والدبابات من كل اتجاه،آن لها أن تتخلص من هذا السياج العسكري المرعب والخانق لحاضر ومستقبل البلد،ولن يحدث أي تقدم في هذه المسألة قبل إقالة بقية القادة المنذورين بقرارات الهيكلة .. انفجار مخازن بقيادة الفرقة التي يقودها اللواء علي محسن،واستمرار مخاطر بقايا النظام السابق في الانقلاب على الشرعية، علاوة على ذلك تهريب الاسلحة من ألوية الحرس، تُعد اجراس إنذار تدوي بقوة،واضعة الحكومة وبقية الأطراف السياسية المشاركة في العملية الإنتقالية والداعمين الإقليميين والدوليين لمبادرة الخليج امام التحدي الأكبر في المرحلة الانتقالية في ظل استعدادات مرتبكة للدخول في مؤتمر الحوار الوطني المرتقب.. لم يعد مطلب هيكلة الجيش والأمن ،و اخراج المعسكرات من المدن وضواحيها مطلبا ثوريا خالصا،بل أضحى مطلبا شعبيا وسياسيا الآن ،باستثناء قلة مستفيدة من بقاء الاوضاع على هذا النحو المرعب للسكان والمعيق لتقدم عملية الانتقال السياسي في البلاد،وبالذات جماعات العنف التي يتنامى نفوذها في جنوب وشمال البلاد في ظل غياب الدولة .. على جميع الاطراف الاقتناع بقدر التغيير، وتكثيف جهودهم المخلصة للوطن تمهيدا لحلول ساعة الصفر في أي لحظة ،والمتمثلة بصدور حزمة قرارات مفصلية وحاسمة ترفع سيطرة بقايا النظام السابق على الجيش والأمن ،ومن الضروري أن تأتي هذه القرارات بحلول استراتيجة في اطار هيكلة الجيش كمطلب سياسي وضرورة عسكرية وأمنية لا تقبل التأجيل .. هناك حديث عن تأجيل هذه القرارات ،لكن محاولة تأجيل صدورها الى ما بعد مؤتمر الحوار ،مجرد عبور غير آمن لقطار الوفاق السياسي ،ينتهي بفشل مؤتمر الحوار،كون مساعي وجهود التهيئة السياسية للحوار ذاتها لم تسجل أي تقدم يذكر ،وهذا ما يزيد الوضع تعقيدا في حال تضاعف هذه المشاكل القديمة الجديدة على استحقاقات الآلية المزمنة للمبادرة الخليجية .. قد يفشل أطراف الوفاق الانتقالي ومعهم رعاة المبادرة في تقديم ضمانات لقوى وأطراف خارج عملية الانتقال السياسي بهدف الدخول في مؤتمر الحوار ،كون اسباب الفشل مرتبطة بحالة انقسام الجيش والأمن ،وهذا ما يؤكده كثير من السياسيين والمهتمين بقراءة المرحلة الانتقالية في البلد .. لهذا ،يتعين على الحكومة ،والمجتمع الدولي المساند لتوجهاتها استشعار خطر تأجيل قرارات ازاحة بقية القادة العسكريين الذين يمثلون حجر عثرة على تقدم إنهاء انقسام الجيش ،ويعملون على ترتيب أولوياتهم الانتقالية وفقا للوضع المحلي وضروراته ، وليس تماشيا مع رغبة المجتمع الدولي غير المكترث بتأجيل هيكلة الجيش .. ما يعيشه البلد الآن من حالة انفلات غير مسبوقة نتيجة لانقسام الجيش والأمن ،يجعل من كل توجه سياسي رسمي ،أو بوادر لحالة اجماع وطني مجرد استنزاف للوقت وهدر للفرص الممكنة لإحداث انتقال تاريخي في البلد ،وفي حال تم ترحيل مسألة هيكلة الجيش ،يبدو أن البلد ذاهب الى المجهول ،كون البلد الآن مهيأ للانفجار أكثر منه للحوار .. وبعيدا عن التنظير الفوقي للحوار من قبل كثيرين لا علاقة لهم بواقع الناس ،علينا أن نصغي و نضع مخاوف الناس في صدارة اهتماماتنا ،كون الناس أكثر دقة في تشخيص واقع يجدون انفسهم فيه ضحايا لمخططات جماعات العنف ومفخخات الموت التي تحصد ارواح اليمنيين دون توقف .. من يحاولون القفز الى الحوار دون شعور وطني يستدعي منهم المشاركة في وضع حد لحالة الانفلات الأمني ،وتفكيك أي مخططات للتصعيد العسكري، يدفعون بالبلد نحو الهاوية ،كون التغاضي والتهوين من الحوادث الارهابية و الاجرامية والصراعات المسلحة التي تنهك حاضر البلد ،يعد مشاركة غير بريئة لنسف مستقبل مستقر في البلد، سيما و«القنابل الموقوتة» تواصل حصد أرواح الأبرياء في شوارع العاصمة صنعاء ،واغلب مدن البلاد التي تعيش في ظل غياب الدولة نتيجة تعثر الحكومة المركزية عن ضبط الوضع وإحكام سيطرتها على البلد بفعل مخططات بقايا النظام السابق وجماعات الموت يقابلها تراخي السلطات المحلية عن القيام بواجباتها في هذه المرحلة .. أعتقد بأن وضع حد للانفلات الأمني وتفكيك أي مخطط للتصعيد العسكري أهم من القفز الى مؤتمر الحوار الوطني ، وعلينا ألا نهون من الوضع الأمني والإنساني المخيف الى هذا الحد كما يحاول البعض التهوين منه لغايات انتهازية في نفوسهم وعقولهم الخاوية من أي شعور بفداحة الذهاب بالبلد للحوار على فوهات المدافع والصواريخ والدبابات التي تخنق حاضر البلد وتنسف اي تطلعات بمستقبل آمن .. من حق شعب قدم تضحيات كبيرة في الثورة السلمية وما سبقها من تضحيات أن يتطلع الى مستقبل آمن وبلد مستقر،وديمقراطية حقيقة في ظل تحييد الجيش والأمن عن الواقع السياسي،وهذا ما يستدعي منا فرض أولوياتنا الوطنية على القوى السياسية التي يُفترض منها الالتفات لمطالب وأولويات الشعب. وعلى المجتمع الدولي قراءة الواقع اليمني كما هو لا كما يعتقدون ،فالدعم المحدود لإجراء الحوار ضمن دعمهم السياسي والاقتصادي لمرحلة الانتقال السياسي في البلد ،يجب أن يصب في دعم الرئيس هادي وحكومة باسندوة على انهاء اسباب الصراع والمُتمثل في انهاء انقسام الجيش والأمن كبداية عملية لهيكلة هاتين المؤسستين ،كون الذهاب الى حوار دون انهاء اسباب فشله المُبكر ،مجازفة غير مأمونة العواقب ،قد تخسف بالبلد الى مستنقع الحروب و التشظي .. رابط المقال على الفيس بوك: http://www.facebook.com/photo.php?fbid=455090137863400&set=a.188622457843504.38279.100000872529833&type=1&theater