كثر الحديث عن القضية الجنوبية حتى أضحى الحديث عنها جزءاً من الحياة اليومية دون ان تتخذ أي إجراءات ملموسة على ارض الواقع أو مؤشرات تكشف مدى الجدية والشروع المباشر في الحلول المرتقبة حتى ولو حلولاً مبدئية تشعر ابناء المحافظات الجنوبية بأن قضيتهم ما زالت محط اهتمام كل اليمنيين بما فيهم تحديد القوى السياسية المتحكمة في صنع القرار لاسيما الاحزاب السياسية وحكومة الوفاق الوطني التي حتى اللحظة لم تعر هذه القضية المعقدة اي اهتمام في الوقت الذي كان من المفترض ان تحظى باهتمام الجميع دون استثناء نظرا لحجم المشكلة القائمة وتعقيدها المتنامي بين اللحظة والأخرى. على كل حال كان لا بد لهذه القضية ان تحتل مركز الصدارة من بين القضايا العالقة باعتبارها قضية متعددة الجوانب ومشكلة محورية داخلية وإقليمية على حد سواء ينبغي الأخذ بها والبت في حلها دون تلكؤ او تأخير لكن ما نلاحظه اليوم من صمت مطبق من قبل حكومة الوفاق حيال هذه القضية يثير الكثير من التساؤلات التي تضع حولها علامة استفهام عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء تلك الحالة المستعصية وكل ما يتعلق بها شكلا ومضمونا كونها تشكل لغزا غامضا قد يصعب حله. ان من الأخطاء الفادحة في حياتنا حينما نصادف مشكلة ما نتقبلها بشعور من اللامبالاة ونقلل من شأنها وهذا حقا يؤجج المشكلة ويجعلها اكثر تعقيداً فالعقدة الرئيسية في القضية الجنوبية لا تكمن في درجة تعقيدها كما يتصورها البعض فدرجة تعقيد أي مشكلة لا تعبر بالضرورة عن طبيعتها بل تعبر جوهريا عن طبيعة الحلول المقدمة من طرف واحد في ظروف حرجة وطبيعة من يقدمون تلك الحلول بالكيفية التي يريدونها في الوقت الذي تزداد فيه حدة المشكلة بين الحين والآخر وهذا بالفعل يؤكد ان هناك سوءاً في التعامل مع طبيعة المشكلة في السياق ذاته ان من يحاولون اليوم تقديم الحلول العقيمة والمقترحات الشكلية يعرفون جيدا ان القضية الجنوبية ما كان لها ان تكون في السابق وهم على استعداد تام بحسب تقديري اذا أرادوا حلها في الوقت الراهن وبأبسط الامكانات في حال توفر النوايا الحسنة لأنهم أساس كل معضلة عانى منها الوطن ودفع ثمنها المواطن في الماضي والحاضر وبالتالي من يحاول اليوم تقديم حلول بالكيفية التي يريدها وينتظر نتائج ايجابية واهم عليه ان يعيد حساباته من جديد على العموم قد ربما لا اكون دقيقا في تشخيصي للحالة القائمة لكن ما تظهره الصورة العامة للحالة القائمة تؤكد بالفعل مدى حجم المشكلة وآثارها العميقة مع كل هذا لا زالت هناك امكانية تقديم الحلول المناسبة متاحة بعد ان ادرك الكثير ان المشكلة الحقيقية هي غياب الحلول الناجعة التي من شأنها قد ربما نتمكن من حل المشكلة بشكل جذري . الجدير بالذكر اذا كان لا بد من حل القضية الجنوبية بما يرتضيه ابناء المحافظات الجنوبية كان علينا أول تهيئة الأرضية المناسبة عن طريق الاعتراف الرسمي والايمان الحقيقي بالقضية وتلطيف الأجواء عن طريق إزالة مظاهر التوتر ورفع الثكنات العسكرية من المدن والاحياء السكنية وهذه الخطوة ستكون بمثابة تعزيز الثقة التي فقدها ابناء المحافظات الجنوبية وعلى هذا الأساس يتعين على الدول الداعمة للمبادرة الخليجية في حال دخول الجنوبيين في الحوار تقديم ضمانات ملزمة لكل الأطراف تمكن الجنوبيين من استرداد حقوقهم كاملة لو استطعنا القيام بذلك سيكون بوسعنا إكمال المشوار شريطة توفر الاستعداد الضمني لدى كل الأطراف لتجاوز التحدي القائم .