لابد إذن من رفض وفضح كل الإنتاج الفكري والإعلامي والسياسي الذي يتناقض أو يتصادم مع ركب التغيير ومفرداته.. فبين وقت وآخر تظهر لنا كتابات في بعض الصحافة الحزبية والأهلية، ليس الغرض منها إلا الإضرار بثورة التغيير وتفخيخ مساراتها.. تحديات كبيرة أمام كل القوى السياسية لا يمكن تجاهلها، ليس فقط في تعزيز دورها في عملية التغيير الجارية، ولكن ما هو أبعد من ذلك.. إلى عمل كبير يتمثل بتسخير كل إمكاناتها ونشاطها السياسي والجماهيري لترسيخ مداميك الوحدة الوطنية، خصوصاً في الظروف الراهنة التي تتعرض فيها إلى مخاطر حقيقية.. وبالتأكيد لا يتسنى لها فعل ذلك إلاّ بعد أن تضع حداً للتناقضات الهدامة، وتتحرر من عقلية الماضي وأوهامه ومفاهيمه الخاطئة وأن تتجاوز أدبيات افتعال الأزمات والمماحكات التي تسيطر على سلوكيات ومنهجيات هذه الأحزاب والقوى السياسية أو حتى الدينية والقبلية. ونقول: إن أمام القوى والأحزاب السياسية على اختلافها ما يستدعي وقفات ينبغي أن تشكل تأصيلاً لثورة التغيير والنفاذ إلى جوهرها وترجمة مضامينها وأهدافها، وعليها أن تتقدم خطوات، وأن تعني بالثقافة المدنية وغرس قيمها داخل تكويناتها وأطرها الحزبية والحياة الداخلية، وأن تعلم قيم الحوار وروح التسامح والأخلاق الديمقراطية، والتزام آداب الاختلاف، والتحرر من الذاتية والشخصانية وعدم الإسراف في الاتهامية، واستبدالها بالمشاركة الفعلية في عملية التغيير الجارية على قدم وساق..! نقول هذا لنلفت اهتمام قيادات بعض هذه القوى والأحزاب وصحفها إلى مواقف وسلوكيات تجترها من ذاكرتها الماضوية القائمة على منطق «أنا وبعدي الطوفان» وافتعال الأزمات ونزعة الخصومة، خلافاً لمنطق وروح ثورة التغيير، وهو ما يجدر بها في رحاب ثورة التغيير أن تتعلم لغة التعايش والحوار وتتحرر من عقد الماضي الشمولي.. وأن تتعاطى برؤى جديدة وروح مرنة تتماهى مع المتطلبات الملحة لروح وأهداف التغيير. كما أن عليها أن تركز على قضايا ومهام ثورة التغيير، بروح تعبر عن انبعاث الفكر والأخلاق، انبعاثاً وطنياً متجدداً، وبما يؤمن مستلزمات هذا الانبعاث والتجديد.. هنا فقط تستطيع هذه الأحزاب أن تبرهن عن تحررها من نظرتها للواقع نظرة ميتة مرتين: الأولى عندما تشوه حقائق التغيير وتحرّض على التسيب، والتشكيك بما هو قائم اليوم من خطوات نحو بناء الدولة المدنية وتأسيس اليمن الجديد وتحاول قتل روح المسؤولية الوطنية والاجتماعية لدى الناس ومسخ إرادة المواطن وتعطيل دوره..! والثانية: عندما تجسد سياسة تكرس إثارة الفتن والتناقضات الطبقية والدفع باتجاه الصراعات الجهوية والمذهبية دون أن تعي أن ديالكتيك التغيير قد تجاوز هذه النزعات التفكيكية، وليس ثمة مكان لجغرافية التجزئة لا في الإنسان ولا في الزمن ولا في القناعات والأفكار المتصلة بالثوابت..! رابط المقال على الفيس بوك