من الصعب هندسة أي مجتمع متعدد وفقاً لإرادة المتنفذين فيه. وتبقى المواطنة المتساوية غاية المجتمع المثالي من أجل أن تكون الشراكة الوطنية سمته الأعلى.. فالقوة الغاشمة مثل القوة المخادعة مستحيلة الاستمرارية في مجتمع حيوي يحلم ويقاوم ويفرز جيداً، كما يتطور وعيه للتخلص من أمراض تخلفه المترسخة خصوصاً إذا كان شديد البأس وبوجع أشد بالمقابل كالمجتمع اليمني. على أنه لن يتم تعزيز الهوية المدنية الجامعة للدولة الوطنية التي نريد دون أن تشارك الأحزاب والنخب والمنظمات بالمقام الأول في دمج الهويات الفرعية داخل سياق المجتمع العام. بل إن أهم ما يجب على الجميع معرفته اليوم صار يتمثل في عدم جدوى طغيان الولاء للمنطقة أو القبيلة أو المذهب؛ كونها هويات فرعية ضيقة بمواجهة هويات الوطن الواسع متنوع الثقافات، ما يعني أن على جميع مراكز القوى - شاءت أم أبت - إعادة صياغة برامجها لتكون على مقاس مصالح الشعب الحالم بالدولة، قبل أن تجد نفسها في مواجهة مفتوحة مع هذا الشعب الذي ضحى كثيراً، ولا يمكن أن ينهار في سبيل إعادة الاعتبار لذاته كشعب من ناحية كما في سبيل إعادة الاعتبار لفكرة الدولة الضامنة لحقوقه من ناحية أخرى. حينها فقط سيشعر أفراد الشعب كما ينبغي بمواطنتهم التي استمرت مفقودة عبر قيام الدولة بمساواة فرصهم أمامها بصرف النظر عن هوياتهم الفرعية طبعاً مع قيامها بفرض القانون وتعميم الفائدة الوطنية على كل هؤلاء المواطنين دون أدنى تمييز. فيما سيمكن لتلك الدولة المأمولة أن تتحقق كما ينبغي أيضاً وهي تؤدي مهمة الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي بالضرورة عبر الإبداع التنموي والإنتاجي في إدارة الدولة، إضافة إلى تعزيز المجتمع بقيم الحريات السلمية في التعبير عن الرأي ومثلها قيم المشترك الوطني في تعايش وتجانس المجتمع. والشاهد أنه لا يمكننا إغفال دور مؤسسات الدولة والمجتمع على حد سواء في تعميق مبدأ إدانة واستنكار العصبية القبلية والاستغلال السياسي للدين. كما لا يمكننا إغفال الدور الأهم لمناهج التعليم في التنشئة العلمية والتقدمية السوية وطنياً ومدنياً. رابط المقال على الفيس بوك