كم هو رائع وعظيم ذلك الأربعاء الثاني عشر من شهر أثنى عشر الفين واثني عشر أن تتناسب روعته وندرته التاريخية مع الفعل المتكاتف العظيم الذي أقدم عليه سكان العاصمة صنعاء بدعوة أمين العاصمة عبد القادر علي هلال لتنظيف عاصمتهم التي تكدست فيها القمائم وتعالت منها الروائح النتنة، وهاجت الحشرات والجراثيم لتعلن حروبها الجرثومية على الاحياء والمنازل والشوارع، والسكان بأشرس الحروب الجرثومية التي أرادها البعض للناس حين عجزوا عن إبادتهم بالرصاص وقذائف المدافع والدبابات فعبرت عن أفظع الأعمال الانتقامية وأحطها على مدى تاريخ البشرية لم يعرف التاريخ مثيلها، ولم يسجل لأعتى غوايات الشيطان وذكائه مرادفاً لانحطاطها. لقد كان ليوم الأربعاء دروساً متعددة ليس في خروج الناس والطلبة والشباب والنساء والرجال لتلبية دعوة النظافة، وتنفيذها لا بداعي الجميل على أفضل وجه فحسب، وإنما لدروس أخرى أعظم وأنفع يمكن استخلاصها من المناسبة أولاها أن الفعل الوطني الذي يمكن أن يعود بمردوداته الطيبة والخيرة لمصلحة الناس مجتمعين مهما فرقهم الاختلاف وتلاعبت بهم فرق التخلف ومزقهم التحزب الضيق إلا أن المصلحة الوطنية العليا الخالية من الضبابية والتغليف تجمعهم للدفاع عن النفس والذود عن الوطن ..تلك واحدة ...الثانية كشفت مدى الوعي الذي يتمتع به مجتمعنا للتفريق بين ما يجمعه لمصلحة عليا، وبين ما يشتته ويتوهه في الأفكار المتضاربة والأجندة الخاصة بأصحابها ..الثالثة مدى الاستعداد والالتحام حين يكون “الداعي” من أجل الناس والدفاع عن أنفسهم، وليس عن أجندة أخرى ..الرابعة عن أهمية النظافة للشارع والمنزل والمدرسة كمقدمة لنظافة الروح والنفس ..الخامسة التعلم على التعاون والتكافل والعمل والعطاء حين يبدأ بالأفعال بعيداً عن الأقوال والتنظيرات ...السادسة مدى التقارب بين الناس بمختلف انتماءاتهم وطبقاتهم، ومكانتهم، أو وجاهاتهم مع عمال النظافة لتبديد العقدة النفسية، والمفارقة المكانية التي حاول البعض من المترفعين أن يرسخها في نفوس الناس لمحوها. كم هو عظيم هذا الرجل عبد القادر علي هلال الذي عرف عنه ما أن يتسلم مسئولية في أي مجال لا ينتقل منها لمجال آخر حتى يكون قد حفر بصماته في العمل ووشماً لا يمحي فيه ..فلا يكون عالة مقعداً على المنصب ينوء المنصب بثقله وثقالته ..كم نحن بحاجة والوطن المنكوب لمثل هذا الرجل ومحافظ آخر كشوقي أحمد هائل سعيد في تعز..كم يحتاج الوطن لأمين كأمانته ومحافظ كشوقي ...عالم متجرد من الضيق والصغائر، والموالاة المرتهنة ...عالم من الحب والاخلاص والجمال يضعون بصماتهم أينما وجدوا ، الوطن مثخن بجراحاته وتخلفه وتمزقه، وارتهانه بأجندة لا علاقة لها به ولا بمستقبل أهله أكثر من مصالحها ومستقبلها هي ..فما أحوجه على المبادرات تلو المبادرات التي تجمعه وتوحده، وتنفض غبار الزمن عن جسده المنهك بأتربة وأوساخ سياسة التخلف والاستبداد والمذهبية والمناطقية والضيق ..ليرى مواطنوه لوحة المستقبل المشرق الأبهى التي يمكن أن تضع تشكيلاتها أيديهم وأفكارهم الممهورة بالعمل والعطاء بعيداً عن التنظير المقعد والبطالة. رابط المقال على الفيس بوك