أخيراً جاءت، وقد ظننا أنها لن تكون بعد أن لامس ضفاف آمالنا اليأس، وبدأنا نفقد الأمل في أن قراراً حاسماً كالذي أصدره الرئيس هادي مؤخراً قد يأتي، ولكنه جاء.. اليوم واليوم فقط نستطيع أن نقول إنه بدأت خطوات التغيير الحقيقية، التي كنا ننشدها تتحقق وقطعنا نصف مشوار الألف ميل، بعد القرارات الأخيرة التي أزاحت بقايا العائلة.. ولاقت تلك القرارات الرئاسية الحاسمة للرئيس عبدربه منصور ترحيباً دولياً ومحلياً وإقليمياً غير مسبوق، بل الفرحة عمت الشارع اليمني بكل فئاته ودون تمييز بين صغير أو كبير، رجل أو امرأة؛ لأن الذين خرجوا من منازلهم في فبراير 2011م لم تكن لهم مطالب سوى استعادة دولتهم وحكم أنفسهم بلا وصاية من عائلة أو أسرة أو قبيلة.. من خرج في فبراير إلى ساحات الاعتصام في تعز وعدن وفي صنعاء وإب والمهرة وصعدة ولحج والحديدة وحجة والجوف ومأرب وحضرموت وشبوة والبيضاء وريمة والمحويت وكل محافظات الجمهورية خرجوا للبحث عن الحرية والمواطنة المتساوية، خرجوا للبحث عن العدالة وبناء الدولة المدنية التي طال انتظارها، وقدموا في سبيل ذلك الدماء والأموال والأنفس، قدموها رخيصة من أجل الكرامة والحرية.. واليوم علينا أن لا نتوقف عن هذه النقطة وإنما علينا الانطلاق لاستكمال أهداف ثورتنا بدءاً بإقالة الفاسدين والملوثين ومروراً باستعادة الأموال المنهوبة ومحاكمة القتلة.. لا نطالب بمعجزة، ولا نريد أن نشطح أكثر من اللازم، حقوق مشروعة لا غبار عليها نقتص من القتلة، وهذا حقنا جميعاً لا مزايدة فيه، ولا نبحث عن معجزات خارقة نسعى إلى تحقيقها، ولا نركض خلف الأوهام والسراب، ولكنها مطالب مشروعة كفلها الدستور والشرائع السماوية.. ولعل أكثر ما يخشاه المواطن اليمني اليوم هو حالة الفلتان الأمني في بعض محافظات الجمهورية كما يحدث في تعزوحضرموت وعدن وأمانة العاصمة أيضاً.. تلك الحوادث الأمنية المفزعة والتي تمارسها عصابات مأجورة تقبض الثمن من جهات خارجية أو محلية، وأزعم أن مثل هذه المعضلة ربما تزول أو يمكن الحد منها في حالة قامت الأجهزة الأمنية بمسؤوليتها وبمهنية عالية، نعتقد أنه ستوقف مثل تلك الأعمال الإرهابية المتفرقة التي تجري في حضرموت وفي تعز وفي صنعاء، لكن أكثر ما نخشى جميعاً هو هذا التجييش الذي يتم الحشد له سواء ما يسمى بالمليشيات سواء تلك التابعة للحوثي والتي تنتشر وتتمدد في المحافظات أو تلك التي تحظى بتسليح خصوصاً هذه الأيام وعلى مختلف رقعة الوطن في أبين ومأرب في محافظات عدة وتحت مسميات عدة.. صحيح لا أحد يمكنه منع اليمنيين من حمل السلاح الشخصي، لكن هذا لا يمنع من فرض هيبة الدولة، وأن لا يخرج السلاح إلى المدن وألاّ ينتشر في المدن العامة، نعم يتسلح المواطن في قريته وله أن يقتني سلاحاً إذا أراد كزينة للصيد أو حتى للدفاع عن نفسه.. لكن لا يجوز أن يتجول بسلاحه في المحافظات، وعلى الدولة تقع مسؤولية تأمين الطرق بين المحافظات وتأمين أنابيب النفط والغاز وخطوط وأسلاك الكهرباء وكابلات الإنترنت وكل المنشآت الحكومية خصوصاً تلك المتصلة بالخدمات العامة والمصالح العامة التي تهم الناس وتمس حياتهم. اليوم الوطن يدخل مرحلة هامة وحساسة، ولابد من قرارات متتابعة لإحداث نقلة نوعية في الاقتصاد لمواجهة الفقر بالقضاء على البطالة بتنمية موارد الدولة، ولن يكون لنا ذلك ما لم تتكاتف الجهود الشعبية بالجهد الرسمي ومحطة العبور للمستقبل حسب اعتقادنا هى حشد الهمم لإنجاح مؤتمر الحوار الوطني المرتقب، ثم لله الأمر من قبل ومن بعد! [email protected] رابط المقال على الفيس بوك