لم يكن شكل الدولة الموحدة (البسيطة) عقبة أمام الأخذ بنظام الحكم المحلي كامل الصلاحيات؛ لأن الأمر يخضع لخصوصية المكون الجغرافي والبشري للدولة، ولايخضع للأهواء والرغبات الفردية بقدر الحاجة الملحة لمعالجة المشكلات العملية في شكل الدولة الموحدة البسيطة، فإذا كانت المركزية الشديدة منسوبة للدولة الموحدة والبسيطة فإن خصوصية الدولة تفرض على المشرع تجاوز تلك المشكلة بالنص الواضح والصريح على نظام الحكم المحلي كامل الصلاحيات، مع بقاء الدولة موحدة وبسيطة، وبإمكان المشروع أن يطلق ما يشاء من الأسماء على المكونات الجغرافية للدولة في حدود الحاجة. إن القفز على الواقع واختلاف الأعذار الواهية وغير الموضوعية من أجل تقليد الآخرين أو رغبة في إرضاء الغير على حساب الخصوصية اليمنية في بناء الدولة اليمنية دستورياً من خلال التهافت عل استجلاب القوالب الجاهزة مع المنظرين لها من هنا وهناك أمر بالغ الخطورة على مستقبل اليمن، والمطلوب هو دراسة التجارب وقبلها دراسة دستور الجمهورية اليمنية دراسة موضوعية منصفة؛ لأن الذين صاغوا هذا الدستور من العقول الدستورية والسياسية الذين سبروا أغوار الحياة اليمنية وتراكمت لديهم الخبرات والمعارف، ولايجوز استعاضة العقول اليمنية بغيرها بسبب هوى النفس، مع ضرورة الاستفادة في جانب الاستشارة فقط من الخبرات الأخرى، أما صناعة قرار المستقبل المتمثل في بناء الدستور فإن اليمنيين وحدهم المعنيون بذلك، ولذلك أرى أن التأكيد على أهمية استحضار تجارب الماضي اليمني ودراسته دراسة علمية وموضوعية وإجراء المقارنة اللازمة، مع الاستفادة من خبرات الآخرين في مجال الاستشارة بات هماً يومياً لليمنيين، وأصبح ظهور بوادر استجلاب القوالب الجاهزة مسألة مقلقة لحياة اليمن بما فيه من المكونات الجغرافية والبشرية، وعلى الذين يريدون أن يتجملوا أو يجاملوا الغير أن لا يكون ذلك على حساب مستقبل اليمن. إن العيوب المحدودة في شكل الدولة الموحدة البسيطة يمكن تجاوزها من خلال أخذ المزايا في نظام الدولة الاتحادية المركبة، بدلاً من الهرولة نحو تقليد أو تنفيذ رغبات الغير، والذي ألمسه اليوم من حالة التهميش للقيادات التي أسهمت في صناعة دساتير اليمن العديدة والعقول السياسية المستنيرة، أو لا يبشر بالتفاؤل، ومن أجل ذلك أشدد القول بأن اليمن لديها من الخبرات الدستورية والقانونية والسياسية ما يكفي لصناعة الغد الأفضل بإذن الله. رابط المقال على الفيس بوك