وللأمرِ نفسه .. مديرياتٌ ومحافظاتٌ «تفتقر» إلى إمكانيات إعداد مشاريع موازنة سنوية .. تفتقر إلى أجهزة إدارية وتنفيذية متكاملة .. تفتقر إلى موظفين مؤهلين ومهنيين ..تفتقر إلى بيانات ومعلومات ومعرفة .. تفتقر إلى نفقات تشغيلية «كافية» .. محليات غير قادرة على إعداد مشاريع موازنة ب«منهجية» علمية وفنية، موازنة تتسم ب«الموضوعية، الدقة والواقعية». مشاريع موازنة، وفي كل عام، تتولى إعدادها فروع وزارة المالية، وبمشاركة محدودة للأجهزة التنفيذية والهيئات الإدارية للمجالس المحلية، بسبب عدم توفر قدرات وكفاءات محلية واستنفاذ زمن محدود لا يكفي للإعداد.. موازنات محلية سنوية تتضمن نفقات عامة تشغيلية واستثمارية محدودة، وتقديرات إيراديه لأنشطة وأوعية إيراديه، عدد منها غير موجود على أرض الواقع .. تقديرات وربط مالي سنوي، لا يراعي طبيعة وخصوصية كل مديرية ، وضع تقديرات بالية وطريقة تقليدية دون دراسة علمية وفنية مسبقة لأنواع ومصادر الإيرادات، يتم تحصيلها وتوريدها لحسابات الوحدات الإدارية بطريقة وآلية بدائية ومعقدة .. حيث تتعدد جهات «الجباية»، آلية جعلت مكلفين كُثُر يُحجِمون عن سداد رسوم و ضرائب وموارد مالية أخرى . محافظات ومديريات بحاجة إلى «ثقة» و«دعم» الحكومة المركزية !! بحاجة إلى مشاريع موازنة يشترك في إعدادها وإنجازها مكاتب وأجهزة تنفيذية وهيئات إدارية لمجالس محلية، كممثلة للمجتمعات المحلية. عديد مديريات ومحافظات لا تزال غير«قادرة» على إعداد وإنجاز «نصف» مشروع موازنة ، تاركة لفروع وزارة المالية استكماله .. موازنة سنوية تتضمن «نفقات عامة جارية» وبنسبة محدودة جداً ك«نفقات استثمارية»، والأخيرة تمول من مصادر مالية محلية ، يتوقف مقدارها و حجمها على مقدار و حجم ما يمكن أن تتحصله المحليات من رسوم وضرائب وواجبات زكوية اعتبرها “المشرع” اليمني ، بل الحكومة المركزية آنذاك، موارد محلية مشتركة، وعامة مشتركة ودعم استثماري مركزي .. نفقات عامة تحدث أثراً اقتصادياً واجتماعياً محدوداً للغاية . وحدات إدارية غير قادرة على إعداد وإنجاز موازنة محلية في فترة زمنية محددة- هي فترة قانونية - وبإجراءات ومراحل قانونية ، تبدأ بإصدار رئيس الوحدة الإدارية قراراً إدارياً بتشكيل لجنة إعداد مشروع خطة وموازنة ولجان فنية متخصصة مساعدة ، ومناقشته وإنجازه ورفعه إلى لجنة الموازنة بالمحافظة ، وتحديد موعد مناقشته مع فروع الوزارات والمصالح والهيئات الحكومية ، وعمل محاضر مناقشة يَُوقَّع عليها من قبل أطراف معنية تصبح ملزِمة لها .. إجراءات و فترات زمنية محددة وردت في قوانين ولوائح يجب مراعاتها عند إعداد وإنجاز مشاريع موازنة محلية سنوية . «موازنة بنود و أنواع» ..«موازنة اعتمادات ومخصصات».. نوع من أنواع الموازنات، تعمل به أنظمة كثيرة في دول العالم الثالث و منها اليمن .. موازنة عامة للدولة تصدر بقانون كل عام ، “أداة” من أدوات السياسة المالية للدولة .. خطة مالية سنوية ، جزء من خطة عامة متوسطة وطويلة المدى ، تتضمن نفقات وإيرادات عامة “قصد” بها المشرع وهيئة الموازنة العامة للدولة تمويل أجهزة تنفيذية محلية ومركزية لغرض أنتاج سلع وتقديم خدمات وإنجاز مشاريع خدمية وتنموية .. موازنة تقليدية «تكتفي» السلطتان التشريعية والتنفيذية في تقييم مستوى أداء تنفيذها ب «حساب ختامي سنوي» ينظم معظم محتوياته و عملياته المالية والمحاسبية ، القانون المالي رقم (8) لعام 1990م. قانون مالي و قوانين أخرى “84قانوناً” تقريباً كثير من نصوص موادها تتعارض مع قانون السلطة المحلية رقم (4) لعام 2000م ، أُعلِن عن ذلك منذ وقت مبكر ، نُوقشتْ في مؤسسات و منظمات عامة , و في منظمات غير حكومية، سكت عنها “الحاكم” آنذاك و“الحكومات المتعاقبة” مثلما سكت عن قرارات و توصيات كانت قد خرجت بها مؤتمرات المجالس المحلية و في كلها ما يعين السلطات المحلية على تحسين و ضعها الإداري، التشريعي و التنموي . موازنة محلية سنوية في ظل قانون مالي ترى فيه وزارة المالية ما يبرر لها تعيين ممثلين لها في الجهات المختلفة ، يقومون مشاركة مع مسؤولي تلك الجهات بتنفيذها ، أسلوب تقليدي درجت عليه حكومات متعاقبة ممثلة بوزارة المالية منذ عقود من الزمن ، كان الغرض منه في البداية “تدريب” و“إعانة” موظفي الوزرات والمؤسسات و المنظمات العامة على كيفية تنفيذ الموازنات العامة السنوية ، واستمر الحال على ما هو عليه حتى اليوم . متغيرات ومفاهيم جديدة : الحوكمة ، الحكومة الالكترونية ، وإدارة التغيير والتوجه نحو اللامركزية بمفهومها الواسع ، في ظل هذا كله يفترض أن تترك للأجهزة التنفيذية مركزية ومحلية ، حرية تنفيذ موازنات عامة سنوية مع رفع مستوى رقابة الأداء بأنواعها المختلفة : الرقابة المستمرة الموجهة (القَبْلِيَّة) ، المصاحِبة، واللاحقة، وتفعيل دور المؤسسات الرقابية : الإدارية ، التنفيذية ، التشريعية والقضائية . إذاً نحن اليوم بحاجة إلى تهيئة الوحدات المحلية والأقاليم لنظام محلي جديد تأتي به مخرجات «مؤتمر الحوار الوطني الشامل»، وإعادة النظر في كثير من القوانين وتصحيحها بما يتوافق والتوجه نحو اللامركزية، وخلق قدرات لدى السلطات المحلية تمكنها من إعداد وتنفيذ مشاريع موازنات متكاملة وتفعيل دور المؤسسات الرقابية على تنفيذها , إيجاد آلية حديثة ومتطورة لتحصيل وجباية الموارد المالية بأنواعها المختلفة، زيادة الدعم المركزي بما يتلاءم وحاجة المحليات من المشاريع الخدمية والتنموية. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك